كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

اليهود وأهل الإسلام، فاليهود والرَّافضة تذمُّه ولا تأكله. وقد عُلِم بالاضطرار من دين الإسلام حِلُّه، وطالما أكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حضرًا وسفرًا.
ولحم الفصيل منه من ألذِّ اللُّحوم وأطيبها وأقواها غذاءً. وهو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضَّأن لمن اعتاده (¬١)، لا يضرُّهم البتَّة، ولا يولِّد لهم داءً. وإنَّما ذمَّه بعض الأطبَّاء بالنِّسبة إلى أهل الرَّفاهية من أهل الحضر الذين لم يعتادوه، فإنَّ فيه حرارةً ويبسًا وتوليدًا للسَّوداء، وهو عَسِرُ الانهضام (¬٢).
وفيه قوَّةٌ غير محمودةٍ، لأجلها أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء من أكله في حديثين صحيحين (¬٣) لا معارض لهما. ولا يصحُّ تأويلهما بغسل اليد، لأنَّه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه - صلى الله عليه وسلم -، ولتفريقه بينه وبين لحم الغنم، فخيَّر بين الوضوء وتركه منها، وحتَم الوضوء من لحوم الإبل. ولو حُمِل الوضوء على غسل اليد فقط لَحُمِل على ذلك في قوله: «من مسَّ فرجه فليتوضَّأ» (¬٤).
---------------
(¬١) «لمن اعتاده» ساقط من ل والنسخ المطبوعة.
(¬٢) كتاب الحموي (ص ٤٦٦).
(¬٣) أحدهما: حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه -، أخرجه مسلم (٣٦٠). والثَّاني: حديث البراء بن عازب، أخرجه أبو داود (١٨٤)، والتِّرمذيُّ (٨١)، وابن ماجه (٤٩٤)، وأحمد (١٨٥٣٨)، قال التِّرمذي: «قال إسحاق: صحَّ في هذا الباب حديثان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة». وصحَّحه ابن الجارود (٢٦)، وابن خزيمة (٣٢)، ابن حبَّان (١١٢٨)، وغيرهم.
(¬٤) أخرجه أبو داود (١٨١)، والتِّرمذيُّ (٨٢)، والنَّسائيُّ (٤٤٤، ٤٤٥، ٤٤٧)، وابن ماجه (٤٧٩)، وأحمد (٢٧٢٩٣ - ٢٧٢٩٥)، من حديث بسرة بنت صفوان، ولفظه عند الأوَّلَين: «من مسَّ ذكَره». وفي إسناده اختلاف كبير، وقد ضعَّفه الكوفيُّون وغيرُهم، ولكن صحَّحه ابن معين وأحمد كما في «السُّنن» للدَّارقطني (١/ ٢٧٣)، وقال البخاري كما في «البدر المنير» (٢/ ٤٥٢): «هو أصحُّ شيء في الباب»، وصحَّحه التِّرمذيُّ، وابن خزيمة (٣٣)، وابن حبَّان (١١١٤ - ١١١٦)، والدَّارقطنيُّ كما في «البدر المنير» (٢/ ٤٥٣)، والحاكم (١/ ١٣٦ - ١٣٧)، والبيهقيُّ في «المعرفة» (١/ ٢٣٤)، وابن الملقِّن، والألباني في «الإرواء» (١١٦). وقال التِّرمذي: «وفي الباب عن أمِّ حبيبة، وأبي أيُّوب، وأبي هريرة، وأروى بنت أنيس، وعائشة، وجابر، وزيد بن خالد، وعبد الله بن عمرو»، وأضاف الحاكم إلى هذه الشَّواهد: حديثَ عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقَّاص، وأمِّ سلمة، - رضي الله عنهم -.

الصفحة 558