كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

القولين فيه مجازفةٌ.
وقد جرَّبتُ أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورًا عجيبةً، واستشفيت به من عدَّة أمراضٍ، فبرأت بإذن اللَّه (¬١). وشاهدت من يتغذَّى به الأيَّامَ ذواتِ العدد قريبًا من نصف الشَّهر أو أكثره، ولا يجد جوعًا، ويطوف مع النَّاس كأحدهم. وأخبرني أنَّه ربَّما بقي عليه أربعين يومًا، وكان له قوَّةٌ يجامع بها أهله، ويصوم، ويطوف مرارًا.

ماء النِّيل: أحد أنهار الجنَّة. أصله من وراء الجبال القُمْر (¬٢) في أقصى بلاد الحبشة من أمطارٍ تجتمع هناك، وسيولٍ يمدُّ بعضها بعضًا، فيسوقه الله سبحانه إلى الأرض الجُرُز الَّتي لا نبات بها (¬٣)، فيُخرج به زرعًا تأكل منه الأنعام والأنام. ولمَّا كانت الأرض الَّتي يسوقه إليها إبليزًا (¬٤) صُلبةً، إن أُمْطِرت مطرَ العادة لم ترو ولم تتهيَّأ للنَّبات، وإن أمطرت فوق العادة ضرَّت المساكن والسَّاكن، وعطَّلت المعايش والمصالح، فأمطر البلاد البعيدة، ثمَّ
---------------
(¬١) وانظر: «مفتاح دار السعادة» (٢/ ٧١٣) و «مدارج السالكين» (١/ ٥٨).
(¬٢) كذا في الأصل و ل يعني: البِيض. وفي غيرهما: «جبال القَمَر»، وكلاهما يقال كما في «البداية والنهاية» (١/ ٥٨).
(¬٣) كذا كتب في الأصل ثم غيِّر إلى «لها» وبقيت نقطة الباء. وكذا في حط، ن والطبعة الهندية. وفي غيرها: «لها».
(¬٤) الإبليز: الطين الذي يعقبه النِّيل بعد ذهابه عن وجه الأرض. انظر: «تاج العروس» (١٥/ ٣٦) و «معجم تيمور الكبير» (١/ ١٠).

الصفحة 584