كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

مرض شهوة الزِّنا (¬١).
فصل
وأمَّا مرض الأبدان فقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: ٦١]. وذكر مرض البدن في الحجِّ والصَّوم والوضوء لسرٍّ بديعٍ يبيِّن لك عظمةَ القرآن والاستغناء به لمن فَهِمَه وعقَلَه عن سواه. وذلك أنَّ قواعد طبِّ الأبدان ثلاثةٌ: حفظ الصِّحَّة، والحِمْية عن المؤذي، واستفراغ الموادِّ الفاسدة. فذكر سبحانه هذه الأصول الثَّلاثة في هذه المواضع الثَّلاثة.
فقال في آية الصَّوم: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]. فأباح الفطرَ للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلبًا لحفظ صحَّته وقوَّته لئلَّا يُذْهِبها الصَّوم في السَّفر، لاجتماع شدَّةِ الحركة وما توجبه (¬٢) من التَّحليل، وعدمِ الغذاء الذي يخلُف ما تحلَّل، فتخور القوَّة وتضعف؛ فأباح للمسافر الفطرَ حفظًا لصحَّته وقوَّته عمَّا يُضْعِفها.
وقال في آية الحجِّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]. فأباح للمريض ومن به أذًى في (¬٣) رأسه من قَمْلٍ أو حِكَّةٍ أو غيرها (¬٤) أن يحلِق رأسَه في الإحرام استفراغًا لمادَّة الأبخِرة
---------------
(¬١) في ن وحدها بعده: «والله أعلم».
(¬٢) أهمل حرف المضارع في بعض النسخ، وفي بعضها: «يوجبه»، والمثبت من ن.
(¬٣) ما عدا ف، ز، د: «من».
(¬٤) ز: «وغيرها». س: «غيرهما».

الصفحة 6