كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

وأنَّه يجوز التَّوكيل في إقامة الحدود، وفيه نظرٌ، فإنَّ هذا استنابةٌ من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وتضمَّن تغريب المرأة كما يغرَّب الرَّجل، لكن يُغرَّب معها محرمها إن أمكن، وإلَّا فلا، وقال مالك (¬١): لا تغريب على النِّساء (¬٢)؛ لأنَّهنَّ عورةٌ.

فصل
في حكمه - صلى الله عليه وسلم - على أهل الكتاب في الحدود بحكم الإسلام
ثبت في «الصَّحيحين» والمساند (¬٣): أنَّ اليهود جاءوا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا له أنَّ رجلًا منهم وامرأةً زنيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تجدون في التَّوراة في شأن الرَّجم؟» قالوا: نفضحهم ويُجْلَدون، فقال عبد الله بن سلامٍ: كذبتم إنَّ فيها الرَّجم، فأتوا بالتَّوراة فنشروها، فوضع أحدُهم يدَه على آية الرَّجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلامٍ: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرَّجم، فقالوا: صدق يا محمَّد، إنَّ فيها الرَّجم، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجِما.
فتضمَّنت هذه الحكومة: أنَّ الإسلام ليس بشرطٍ في الإحصان، وأنَّ الذِّمِّيَّ يحصِّن الذِّمِّيَّة، وإلى هذا ذهب أحمد والشَّافعيُّ (¬٤)، ومن لم يقل
---------------
(¬١) «المدونة»: (٤/ ٥٠٤).
(¬٢) ب: «لا تغرّب النساء».
(¬٣) أخرجه البخاري (١٣٢٩، ٣٦٣٥) واللفظ له، ومسلم (١٦٩٩)، ومالك في «الموطأ» (٢٣٧٤)، وأحمد في «المسند» (٤٤٩٨)، وأبو داود (٤٤٤٦، ٤٤٤٩)، والترمذي (١٤٣٦)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. ووقع في ز، ن: «المسانيد» وكلاهما صحيح.
(¬٤) ينظر «الأم»: (٦/ ٦١٩)، و «الهداية» (ص ٥٣٠).

الصفحة 52