كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

المتلاعنين أن لا يجتمعان أبدًا. قال: وروي عن عمر بن الخطَّاب أنَّه قال: يُفرَّق بينهما ولا يجتمعان أبدًا (¬١). وإلى هذا ذهب أحمد والشَّافعيُّ ومالك والثَّوريُّ وأبو عبيد وأبو يوسف.
وعن أحمد روايةٌ أخرى: أنَّه إن (¬٢) أكذبَ نفسَه حلَّت له وعاد فراشه بحاله، وهي روايةٌ شاذَّةٌ شذَّ بها حنبل عنه. قال أبو بكر: لا نعلم أحدًا رواها غيره. وقال صاحب «المغني» (¬٣): وينبغي أن تُحمل هذه على ما إذا لم يُفرِّق الحاكمُ بينهما، فأمَّا مع تفريق الحاكم بينهما فلا وجهَ لبقاء النِّكاح بحاله.
قلت: الرِّواية مطلقةٌ، ولا أثرَ لتفريق الحاكم في دوام التَّحريم، فإنَّ الفُرقة الواقعة بنفس اللِّعان أقوى من الفرقة الحاصلة بتفريق الحاكم، فإذا كان إكذابُ (¬٤) نفسِه مؤثِّرًا في تلك الفرقة القويَّة رافعًا للتَّحريم النَّاشئ منها، فلَأن (¬٥) يُؤثِّر في الفرقة التي هي دونها ويرفع تحريمَها أولى.
وإنَّما قلنا: إنَّ الفرقة بنفس اللِّعان أقوى من الفرقة بتفريق الحاكم؛ لأنَّ
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرزاق (١٢٤٣٣) والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٤١٠) من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي عنه. وسنده ضعيف للانقطاع، فإبراهيم لم يدرك عمر. لكن يشهد له ما قبله.
(¬٢) د: «إذا». وسقطت من ز.
(¬٣) (١١/ ١٤٩).
(¬٤) م: «أكذب».
(¬٥) م، د، ز: «فلا»، خطأ.

الصفحة 541