كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

ومذهب علي: أنَّه يُقتَل به. والَّذي غَرَّه ما رواه سعيد بن منصورٍ في «سننه» (¬١): أنَّ عمر بن الخطَّاب بينا هو يومًا يتغدَّى إذ جاء رجلٌ يعدو، وفي يده سيفٌ ملطَّخٌ بدمٍ، ووراءه قومٌ يَعْدُون، فجاء حتَّى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا قتل صاحبنا، فقال له عمر: ما تقول؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنِّي ضربتُ فخذَيِ امرأتي، فإن كان بينهما أحدٌ فقد قتلتُه، فقال عمر: ما تقولون؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّه ضربَ بالسَّيف فوقع في وسط الرَّجل وفخذَي المرأة، فأخذ عمر سيفَه فهَزَّه، ثمَّ دفعه إليه وقال: إن عادوا فعُدْ. فهذا ما نُقِل عن عمر - رضي الله عنه - .
وأمَّا علي فسئل عمَّن وجد مع امرأته رجلًا فقتله، فقال: إن لم يأتِ بأربعة شهداء فلْيُعْطَ بِرُمَّته (¬٢). فظنَّ أنَّ هذا خلافٌ (¬٣) للمنقول عن عمر، فجعلها مسألة خلافٍ بين الصَّحابة، وأنتَ إذا تأمَّلتَ حكمَيْهما لم تجد بينهما اختلافًا، فإنَّ عمر - رضي الله عنه - إنَّما أسقط عنه القَوَد لمَّا اعترف الوليُّ بأنَّه كان مع امرأته، وقد قال أصحابنا ــ واللَّفظ لصاحب «المغني» (¬٤) ــ: فإن اعترف الوليُّ بذلك فلا قصاصَ ولا ديةَ؛ لما رُوِي عن عمر، ثمَّ ساق القصَّة. وكلامه يعطي أنَّه لا فرقَ بين أن يكون مُحصَنًا أو غير محصَنٍ، وكذلك حكم
---------------
(¬١) كما في «المغني» (١١/ ٤٦٢، ١٢/ ٥٣٥) من طريق هشيم عن مغيرة بن مقسم عن إبراهيم عن عمر؛ وسنده ضعيف؛ للانقطاع؛ إبراهيم لم يدرك عمر.
(¬٢) أخرجه مالك (٢١٥٤) ــ وعنه الشافعي في «الأم» (٧/ ٧٥، ٣٤٦) ــ وعبد الرزاق (١٧٩١٥) وابن أبي شيبة (٢٨٤٥٨) من طريق سعيد بن المسيب عنه، ورجاله ثقات، غير أنَّ في سماع سعيد من عليٍّ خلافًا.
(¬٣) د، ص، ز، ب: «خلافًا».
(¬٤) (١١/ ٤٦٢).

الصفحة 556