كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
فنظر حرمةً أو عورةً، فلهم حَذْفُه (¬١) وطَعْنُه في عينه، فإن انقلعتْ عينُه فلا ضمانَ عليهم. قال القاضي أبو يعلى: هذا ظاهر كلام أحمد أنَّهم يدفعونه ولا ضمان عليهم، من غير تفصيلٍ.
وفصَّل ابن حامد فقال: يدفعه بالأسهل فالأسهل، فيبدأ بقوله: انصرِفْ واذهَبْ، وإلَّا نفعل بك (¬٢).
قلت: وليس في كلام أحمد ولا في السُّنَّة الصَّحيحة ما يقتضي هذا التَّفصيل، بل الأحاديث الصَّحيحة تدلُّ على خلافه، فإنَّ في «الصَّحيحين» (¬٣) عن أنس: أنَّ رجلًا اطَّلع من جُحرٍ في حُجرة (¬٤) النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقام إليه بمِشْقَصٍ أو بمَشاقِصَ، وجعل يَخْتِلُه ليطعنَه. فأين الدَّفع بالأسهل وهو - صلى الله عليه وسلم - يَخْتِله أو (¬٥) يختبئ له ويختفي ليطعنه؟
وفي «الصَّحيحين» (¬٦) أيضًا من حديث سهل بن سعدٍ: أنَّ رجلًا اطَّلع في جُحْرِ بابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي يد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ به (¬٧) رأسه، فلمَّا رآه قال: «لو أعلم أنَّك تنظرني لطعنتُ به عينَك (¬٨)، إنَّما جُعِل الاستئذان من أجل
---------------
(¬١) كذا في النسخ بالحاء، وهو بمعنى الرمي مثل الخذف بالخاء.
(¬٢) بعدها في المطبوع: «كذا»، وليست في النسخ و «المستوعب».
(¬٣) أخرجه البخاري (٦٩٠٠)، ومسلم (٢١٥٧).
(¬٤) في المطبوع: «في بعض حجر» خلاف النسخ.
(¬٥) ص، ب: «أي».
(¬٦) د، ص، ز، ب: «الصحيح»، والمثبت من م. وقد أخرجه البخاري (٦٩٠١)، ومسلم (٢١٥٦).
(¬٧) ز، ب: «بها».
(¬٨) م: «عينك بها».