كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
قالوا: وأمَّا قصَّة أسامة وزيد فالمنافقون كانوا يطعنون في نسبه من زيد لمخالفة (¬١) لونِه لونَ أبيه، ولم يكونوا يكتفون بالفراشِ وحُكْمِ الله ورسوله في أنَّه ابنُه، فلمَّا شهد به القائف وافقت شهادتُه حكْمَ الله ورسوله، فسُرَّ بها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لموافقتها حكْمَه ولتكذيبها قولَ المنافقين، لا أنَّه أثبتَ نسبَه بها، فأين في هذا إثباتُ النَّسب بقول القائف؟
قالوا: وهذا معنى الأحاديث التي ذُكِر فيها اعتبار الشَّبَه، فإنَّها إنَّما اعتُبِر فيها (¬٢) الشَّبهُ في نسبٍ ثابتٍ بغير القيافة، ونحن لا ننكر ذلك.
قالوا: وأمَّا حكم عمر وعلي فقد اختُلِف على عمر، فرُوِي عنه ما ذكرتم، ورُوي عنه أنَّ القائف لمَّا قال له: قد اشتركا فيه قال: وَالِ (¬٣) أيَّهما شئتَ (¬٤). فلم يعتبر قول القائف.
قالوا: وكيف تقولون بالشَّبه، ولو أقرَّ أحد الورثة بأخٍ وأنكره الباقون والشَّبه موجودٌ لم تُثبِتوا النَّسب به، وقلتم: إن لم تتَّفق الورثة على الإقرار به لم يثبت النَّسب؟
---------------
(¬١) م: «بمخالفة».
(¬٢) في المطبوع: «اعتبرت فيه» خلاف النسخ.
(¬٣) في النسخ: «والي» بإثبات الياء، والصواب حذفها كما في المصادر.
(¬٤) أخرجه مالك (٢١٥٩)، والطحاوي في «معاني الآثار» (٤/ ١٦١)، والبيهقى في «الكبرى» (١٠/ ٢٦٣)، من طريق سليمان بن يسار عن عمر؛ ولم يدركه؛ فسنده ضعيف؛ لكن وصله الطحاوي (٤/ ١٦٢) والبيهقي بسند صحيح من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه، قال البيهقي: «هذا إسناد صحيح موصول»، وصححه الألباني في «الإرواء» (١٥٧٨)، وسيأتي في كلام المصنف ما يُشعر بردِّه.