كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

وهذا الحكم على وَفْق حِكمة (¬١) الشَّارع، فإنَّ المحرَّمات كلَّما تغلَّظت تغلَّظت (¬٢) عقوباتُها، ووطء مَن لا يباح بحالٍ أعظم جُرمًا من وطء مَن يباح في بعض الأحوال، فيكون حدُّه أغلظ، وقد نصَّ أحمد في إحدى الرِّوايتين عنه (¬٣) أنَّ حكم من أتى بهيمةً حكم اللوطيّ (¬٤) سواءٌ، فيُقتل بكلِّ حالٍ، أو يكون حدُّه حدَّ الزَّاني.
واختلف السَّلف في ذلك، فقال الحسن: حدُّه حدُّ الزَّاني. وقال أبو سلمة (¬٥): يُقتل بكلِّ حالٍ، وقال الشَّعبيُّ والنخعي: يُعَزَّر. وبه أخذ الشَّافعيُّ ومالك وأبو حنيفة وأحمد في روايةٍ (¬٦)، فإنَّ ابن عبَّاسٍ أفتى بذلك (¬٧)، وهو راوي الحديث.
---------------
(¬١) ز، ب، والمطبوع: «حكم».
(¬٢) «تغلّظت» سقطت من ي، ث، وتصحفت الأولى في ث إلى: «تعطلت» فأشكلت العبارة على الناسخ فعلق في الطرة: «في قوله: تعطلت نظر».
(¬٣) ينظر «مسائل الكوسج»: (٧/ ٣٤٦٧ - ٣٤٦٨)، و «الروايتين والوجهين»: (٢/ ٣١٧)، و «الهداية» (ص ٥٣١)، و «المغني»: (١٢/ ٣٥١)، و «شرح الزركشي»: (٦/ ٢٨٩ - ٢٩٠).
(¬٤) في المطبوع: «اللواط».
(¬٥) بعده في ط الفقي والرسالة: «عنه»، خطأ. وفي ط الهندية: «رضي الله عنه»، وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف من كبار التابعين ومن فقهاء المدينة.
(¬٦) ينظر: «المصنف» (٢٩٠٩٥ - ٢٩١١١) لابن أبي شيبة، و «نهاية المطلب»: (١٧/ ١٩٨ - ١٩٩)، و «المغني»: (٢/ ٣٥١ - ٣٥٣)، و «المبسوط»: (٩/ ١٧٨)، و «تهذيب المدونة»: (٤/ ٤٧٦)، و «الداء والدواء» (ص ٤١١ - ٤١٢) للمؤلف.
(¬٧) أخرجه أبو داود (٤٤٦٥)، والترمذي (١٤٥٥)، والبيهقي: (٨/ ٢٣٤) وغيرهم.

الصفحة 63