كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 6)
وهذا لم يقل به أحدٌ البتَّة.
فصل
وأمَّا المسألة الثَّانية: وهي الأمة المطاوعة، فهل يجب لها المهر؟ فيه قولان، أحدهما: يجب، وهذا قول الشَّافعيِّ وأكثر أصحاب أحمد. قالوا: لأنَّ هذه المنفعة لغيرها، فلا يسقط بدلها مجَّانًا، كما لو أذنت في قطع طرفها.
والصَّواب المقطوع به: أنَّه لا مهرَ لها، وهذه هي البغيُّ الَّتي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مهرها، وأخبر أنَّه خبيثٌ، وحكم عليه وعلى ثمنِ الكلب وأجرِ الكاهن بحكمٍ واحدٍ، والأمة داخلةٌ في هذا الحكم دخولًا أوَّليًّا، فلا يجوز تخصيصها من عمومه؛ لأنَّ الإماء هنَّ اللَّاتي كنَّ (¬١) يُعرَفن بالبغاء، وفيهنَّ وفي ساداتهنَّ أنزل الله عز وجل: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣]، فكيف يجوز أن تخرج الإماء من نصٍّ أُرِدْنَ به قطعًا، ويُحمَل على غيرهنَّ؟
وأمَّا قولكم: «إنَّ منفعتها لسيِّدها، ولم يأذن في استيفائها»، فيقال: هذه المنفعة يملك السَّيِّد استيفاءها بنفسه، ويملك المعاوضةَ عليها بعقد النِّكاح أو شبهته (¬٢)، ولا يملك المعاوضةَ عليها إذا أذنت (¬٣)، ولم يجعل الله ورسوله للزِّنا عوضًا قطُّ غير العقوبة، فيفوت على السَّيِّد حتَّى يُقضى له، بل
---------------
(¬١) «كن» ليست في ص، د.
(¬٢) ص، د، ز: «شبهه».
(¬٣) في النسخ المطبوعة: «إلا إذا أذنت». و «إلا» ليست في النسخ الخطية، وإثباتها يقلب المعنى.