كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 6)

قالوا: وفي منعه من سقي الزَّرع إهلاكُه وإفساده، فحُرِّم (¬١) كالماشية. وقولكم: «لا حرمةَ له» فلصاحبه حرمةٌ فلا يجوز التَّسبُّب إلى إهلاك ماله، ومن سلَّم لكم أنَّه لا حرمةَ للزَّرع؟ قال أبو محمَّدٍ المقدسيُّ (¬٢): ويحتمل أن يُمنَع نفيُ الحرمة عنه، فإنَّ إضاعة المال منهيٌّ عنها، وإتلافه محرَّمٌ، وذلك دليلٌ على حرمته.
فإن قيل: فإذا كان في أرضه أو داره بئرٌ نابعةٌ، أو عينٌ مستنبطةٌ، فهل تكون مِلْكًا له تبعًا لملك الأرض والدَّار؟
قيل: أمَّا نفس البئر وأرض العين فمملوكةٌ لمالك الأرض، وأمَّا الماء ففيه قولان، هما روايتان عن أحمد، ووجهان لأصحاب الشَّافعيِّ (¬٣):
أحدهما: أنَّه غير مملوكٍ؛ لأنَّه يجري من تحت الأرض إلى ملكه، فأشبه الجاري في النَّهر إلى ملكه.
والثَّاني: أنَّه مملوكٌ له، قال أحمد (¬٤) في رجلٍ له أرضٌ ولآخر ماءٌ، فاشترك صاحب الأرض وصاحب الماء في الزَّرع، ويكون بينهما، فقال: لا بأس. وهذا القول اختيار أبي بكر.
وفي معنى الماء المعادن الجارية في الأملاك، كالقَار والنِّفْط والمُومِيا (¬٥)
---------------
(¬١) أي صار للزرع حرمة كالماشية.
(¬٢) في «المغني» (٦/ ٣٧٩).
(¬٣) انظر: «المغني» (٦/ ١٤٥).
(¬٤) كما في المصدر السابق.
(¬٥) الموميا: قار معدني. وقال بعضهم: هي رطوبة أرضية تسيل من سموت الغيران. انظر: «تكملة المعاجم العربية» (١٠/ ١٣٤).

الصفحة 489