كتاب الذخيرة للقرافي (اسم الجزء: 5)

القصارة وَغَيره من حرفاته لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) وَلِأَنَّهُ قَبْضٌ لِمَنْفَعَةِ الْغَيْرِ فَلَا يَضْمَنُ كَالْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ وَالْمُسَاقِي وَالْمُقَارِضِ وَالْجَوَابُ عَن الأول: الْمُعَارضَة بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) وَعَنِ الثَّانِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ بِحَقِّ نَفسه بل لمستحق الْأُجْرَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَ كَالْقَرْضِ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ لَكَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْعَيْنِ تَأْثِيرا يُوجب التُّخمَة عَلَى أَخْذٍ بِسَبَبِ التَّغْيِيرِ وَهُوَ الْفَرْقُ فِي الْوَكِيلِ وَأَمَّا السَّاقِي: فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ مُنْمِي الثِّمَارِ وَأَمَّا الْمُقَارِضُ فَلَوْ ضَمِنَ مَعَ أَنَّ الْمَالَ بِصَدَدِ الذَّهَابِ وَالْخَسَارَةِ فِي الْأَسْفَارِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْهُ فَتَتَعَطَّلُ مَصْلَحَتُهُ بِخِلَافِ السِّلَعِ عِنْدَ الصُّنَّاعِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَضَوْا بِتَضْمِينِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدُّوا وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي) وَلِأَنَّهُ مِنَ الْمَصَالِحِ فَوَجَبَ أَن يكون مَشْرُوعا (لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الاحتكار وتلتقي الرُّكْبَانِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ دعِي

الصفحة 503