كتاب الذخيرة للقرافي (اسم الجزء: 9)

قَالَ التّونسِيّ إِذا قدمنَا الْغَرْسَ أَوِ الْبِنَاءَ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَقَدِ انْتَفَعَ الْمُكْتَرِي بِالْأَرْضِ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ لِتَزِيدَ قِيمَةُ غَرْسِهِ فَكَيْفَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ كِرَاءِ مَا بَقِيَ مَعَ انْتِفَاعِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا قَوَّمْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى الْأَمَدِ أَخذنَا من رب الأَرْض جَزَاء مِنْ أَرْضِهِ قِيلَ إِذَا قَوَّمْنَا إِنَّمَا نُقَوِّمُهُ قَائِمًا لِدُخُولِهِ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِذَا امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ أُعْطِيَ قِيمَةَ أَرْضِهِ كَامِلَةً لَا بِنَاءَ فِيهَا فَلَمْ يُظْلَمْ وَإِذَا جَاءَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ يُدْرِكُ أَنْ يَزْرَعَ فَلَهُ الْكِرَاءُ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك حِصَّته الْمَاضِي لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِتَقْوِيمِ الزَّرْعِ قَدْ يُقَابِلُهَا جُزْءٌ مِنَ الْكِرَاءِ فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ تُزْرَعُ بُطُونًا فَهُوَ مِثْلُ السُّكْنَى لَهُ مِنْ يَوْمِ يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَا فِيهَا الْآنَ لِزَرْعِهِ وَمَا مَضَى يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي بِالشُّبْهَةِ وَمَا يَكُونُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَهُ إِجَازَةُ عَقْدِ الْكِرَاءِ وَأَخْذُهُ بِالْمُسَمَّى وَله أَخذ كِرَاء الْمثل لِأَن حق الزراع فِي أَن لَا يُقْطَعَ زَرْعُهُ لِأَنْ يَتِمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَيُلْزَمُ الْمُسْتَحِقُّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا عَقَدَ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ الْمُكْتَرِي إِنَّمَا دَخَلْتُ عَلَى عَشَرَةٍ فَلَا أَغْرَمُ إِلَّا عَلَى حِسَابِهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الَّذِي أَكْرَانِي فَيُقَالُ لَهُ لَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مُشْتَرٍ وَالْمُشْتَرِي إِذَا وَهَبَ فَاسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوَاهِبُ وَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَخ الطاريء وَقَدْ حَابَى أَخُوهُ فِي الْكِرَاءِ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى السَّاكِنِ قَالَ قلت كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَرْجِعَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ لَا سِيَّمَا وَالْوَارِثُ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَالْمُشْتَرِي كَانَ ضَامِنًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَنْتَفِعْ مِثْلَ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى العَبْد خطأ فَقيل يضمن لقَوْله ذَلِك هَا هُنَا فِي الْوَارِثِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَيَلْزَمُ جَرَيَانُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي هِبَاتِ الْمُشْتَرِي إِذَا انْتَفَعَ الْمَوْهُوب لِأَنَّهُ

الصفحة 39