كتاب الذخيرة للقرافي (اسم الجزء: 9)

أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنِ اشْتَرَى دَارًا مَبْنِيَّةً فَهَدَمَهَا وَبَنَى بِنَقْضِهَا مَسْجِدًا فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى نَقْضِهَا شَيْئًا فَيَأْخُذُ الْبِنَاءَ وَالْقَاعَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْكَ فِيمَا هَدَمْتَ لِأَنَّكَ هَدَمْتَهَا بِشُبْهَةٍ فَيُسَاوِي الْعِتْقَ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا إِذَا أَبَى الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُلْزِمَكَ قِيمَةَ النَّقْضِ مَنْقُوضًا لِأَنَّكَ لَمَّا بَنَيْتَ بِهِ الْمَسْجِدَ فَقَدْ أَفَتَّهُ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ هَدْمِكَ لَا يَتَحَصَّلُ بِكَمَالِهِ وَإِذَا أَدَّيْتَ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَهَدَمْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَعَلْتَ النَّقْضَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِأَنَّكَ قَدْ أَبَنْتَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَجَعَلْتَهُ لِلَّهِ وَإِن رَضِي الْمُسْتَحق بذلك النَّقْص فَلَهُ مِلْكُهُ وَلَا يَلْزَمُكَ شَيْءٌ قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ غَاصِبًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَلَهُ قيمَة بنائِهِ قَائِما يَجْعَل الْقِيمَةَ فِي حُبُسٍ آخَرَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الْأَنْقَاضَ لَمْ يَقَضِ فِيهَا بِقِيمَةٍ وَإِنْ بَنَى بِشُبْهَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ سَحْنُونًا لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ مَنْقُوضًا لَمَا كَانَ ذَلِكَ إِبْطَالًا لِلْحُبُسِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِعْطَاءُ الْقِيمَةِ مَنْقُوضًا كَذَلِكَ أَنْتَ إِنَّمَا تُعْطِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا فَإِذَا وَهَبْتَ حَقَّكَ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ لَكَ بَلْ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الَّذِي بَنَى فِي أَرْضٍ بِشُبْهَةٍ فَثَبَتَ أَنَّهَا حُبُسٌ يُقْلَعُ الْبِنَاءُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيلَ لِسَحْنُونٍ فَكَيْفَ يُقْلَعُ وَقَدْ بنى بِشُبْهَة قيل فَمن قَالَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قِيلَ لَهُ فَيَشْتَرِكَانِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يُلْزِمُ بَيْعَ الْحُبُسِ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَمْ يُنْكِرْ قِيلَ أَفَيُعْطِيهِ الْمُحْبِسُ قِيمَةَ بِنَائِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُقْلِعُ بِنَاءَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ لَمْ يَهْدِمْ عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَوْ يُعْطِيكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ مَهْدُومًا وَبَقِيَ لَهُ قَائِما وَقَالَ سَحْنُونٍ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ بِحَقِّ تَقْدِيمٍ عَلَى الْحُبُسِ وَيَرُدُّهُ مِنْ أَصْلِهُ فَلَهُ إِذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَا بُدَّ من نقضه وهضمه لِأَنَّ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ لَا يُوَافِقُ بِنَاءَ الدُّورِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَدْمٍ هُدِمَ وَجُعِلَ غَيْرُهُ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَأَبَى الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ لِلْبِنَاءِ وَأَبَيْتَ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فَإِنْ حَمَلَ الْقَسَمَ وَكَانَ فِيمَا يَنُوبُ الْحُبُسُ مَا يَكُونُ مَسْجِدًا قُسِمَ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْقَسَمَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ

الصفحة 62