كتاب الذخيرة للقرافي (اسم الجزء: 11)
لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ وَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَلِأَنَّ ظَاهر عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ احْتَجُّوا بِأَنَّ النِّكَاحَ خَطَرٌ وَالْوَطْءُ لَا يُسْتَدْرَكَ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَأَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا اخْتَصَّ بِشُرُوطٍ زَائِدَةٍ عَلَى الْبَيْعِ مِنَ الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ خَالَفَتْ دَعْوَاهُ الدَّعَاوَى وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَمِيعِ الْعُقُودِ يَدْخُلُهُ الْبَدَلُ وَالْإِبَاحَةُ بِخِلَافِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي دَعْوَى الْمُسْلِمِ مَعَ بَيِّنَتِهِ الصِّحَّةُ فَالِاسْتِدْرَاكُ نَادِرٌ لَا عِبْرَة بِهِ وَالْقَتْل خطر أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْفَرْجِ وَهُوَ الْفَرْقُ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الشَّيْءِ يتَنَاوَلهُ بِشُرُوطِهِ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الشُّرُوطِ فِي الدَّعْوَى كَالْبيع لَهُ شُرُوط لَا يشْتَرط فِي دَعْوَاهُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الرِّدَّةَ وَالْعِدَّةَ لَا يَدْخُلُهُمَا الْبَدَلُ وَالْإِبَاحَةُ وَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِمَا وَأَمَّا قَوْلُنَا لَا تُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ الدَّعَاوَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ تُصَدِّقُهُ الْعَادَةُ كَدَعْوَى الْقَرِيبِ الْوَدِيعَةَ وَتُكَذِّبُهُ الْعَادَةُ كَدَعْوَى الْحَاضِرِ الْأَجْنَبِيِّ مِلْكَ دَارٍ فِي يَدِ زَيْدٍ وَهُوَ حَاضِرٌ يَرَاهُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَيُؤَجِّرُ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ وَازِعٍ يَزَعُهُ عَنِ الطَّلَبِ مِنْ رَهْبَةٍ أَوْ رَغْبَةٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالثَّالِثُ مَا لَمْ يُقْضَ بِصِدْقِهَا وَلَا بِكَذِبِهَا بَلْ أَنَّهَا مشبه كَدَعْوَى الْمُعَامَلَةِ فِي مَوْضِعٍ بِشُرُوطِ الْخَلْطِ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُنَا فِيهَا غَرَض شَرْعِي كَمَا تقدم فِي غير السِّمْسِمَةِ وَمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ اللُّعْبَةُ وَالتَّعَنُّتُ
(النَّظَرُ الثَّانِي فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ)
وَأَصله قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَلَيْسَ كل طَالب
الصفحة 7
400