كتاب الذخيرة للقرافي (اسم الجزء: 13)

الْمَالِ وَاسْتُفِيدَ الزَّائِدُ مِنْ آيَةِ الْبَنَاتِ كَمَا اسْتُفِيدَ حُكْمُ الْبِنْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَبَقِيَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مُبَيِّنَةً لِلْأُخْرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْبَنَاتِ

(الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ)
فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} اتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنَ الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ يَمْتَنِعُ قَوْلُكَ إِنَّ الذَّاهِبَ جَارِيَتِهِ صَاحِبُهَا لِأَنَّهُ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِكَ جَارِيَتُهُ أَنَّهُ صَاحِبُهَا وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى كَانَتَا أَنَّهُمَا اثْنَتَانِ فَالْخَبَرُ مَعْلُومٌ مِنَ الِاسْمِ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ الْمَنْعُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي تَعَالِيقِهِ كَانَتِ الْعَرَبُ تُوَرِّثُ الْكَبِيرَةَ دُونَ الصَّغِيرَةِ اهْتِضَامًا لَهَا فَأَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ " اثْنَتَيْنِ " إِلَى أَصْلِ الْعَدَدِ الْمُجَرَّدِ مِنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ كَيْفَ كَانَتَا فَصَارَ وَصْفُ التَّجْرِيدِ عَنِ الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ قَيْدًا زَائِدًا فِي الْخَبَرِ وَهُوَ لَمْ يُعْلَمْ مِنَ الِاسْمِ فَحَسُنَ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
(أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي ... )
أَيِ الْمَعْرُوفُ فَحَسُنَ لِإِضْمَارِ الصِّفَةِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ

(الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ)
فِي قَوْله تَعَالَى {يُبَيِّنُ الله لكم} بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْبَيَانُ فَالْمُطَابِقُ لِتَقَدُّمِ الْبَيَانِ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ فَلِمَ عَدَلَ عَنْهُ لِلْمُضَارِعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ يُسْتَعْمَلُ لِلْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مَجَازًا كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَيَصِلُ وَيَقْطَعُ أَيْ هَذَا شَأْنُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمُ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ أَيْ هَذَا شَأْنُكَ فَمُرَادُ الْآيَةِ أَنَّ الْبَيَانَ شَأْنُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي غَيْرِهَا فَهِيَ

الصفحة 37