كتاب التربية الإسلامية ومراحل النمو

مبشر بكمال العقل عند البلوغ فالصبي المستحيي لا ينبغي أن يهمل، بل يستعان على تأديبه بحيائه أو تمييزه"1.
والتربية في هذه المرحلة تنتقل من مرحلة التقليد والمحاكاة إلى التوعية العقلية بالأسباب والقوانين المتعلقة بالتزام الفضيلة والبعد عن الرذيلة وصيانة اللسان والبطن والفرج من المحرمات خوفا من الله وحياء منه، وعن ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء، قلنا: إنا نستحي من الله يا رسول الله- والحمد لله- قال: ليس ذلك.. الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى, ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة، وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء" 2.
إن هذه الفترة تحتاج إلى سياسة حكيمة واحترام لمشاعر البالغ ورغبته في الاستقلال والإحساس بنفسه وشخصيته وإقامة علاقة من الثقة والاحترام بينه وبين والده حتى يمكن توجيهه بما يساعده على النمو والنضج والاتزان.
__________
1 إحياء علوم الدين ج أول.
2 رواه الترمذي والإمام أحمد في مسنده.
التربية الجنسية:
من أهم الظواهر في هذه الفترة قلة اعتماد البالغ أو المراهق على والديه في سبيل تطلعه إلى الاستقلال بنفسه إذ أنه يعتبر نفسه رجلا وليس ذلك الطفل الذي كان يأتمر بأمر والديه في كل صغيرة وكبيرة فهو قد أصبح ناضجا يحتاج إلى تطوير علاقاته مع الأصدقاء والمجتمع, والإسلام لم يهمل هذه الناحية من التربية وأول المبادئ التي يرى الإسلام قيام حياة الفرد عليها هي الاستقامة على قوانين الفطرة الطبيعية في الإنسان واتباع هذه القوانين وعدم الخروج عليها، وقوانين الفطرة تقتضي تربية الناس على حياة الطهارة والشرف والعفة والفضيلة والتقوى, وإن الخروج على هذه التربية والانحراف عنها إنما هو خروج على القوانين التي خلق الله عليها الكون والسموات والأرض والكائنات ومنها الإنسان {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (طه/50) فإذا تجاوز الإنسان الحدود التي وضعها الله له والقوانين التي أمره بالتزامها في الدنيا فإنه بسلوكه يظلم نفسه ويعرض نفسه لعقوبات تفرضها عليه قوانين الله الطبيعية المودعة فيه؛ لأن من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه, ولذلك حرم الإسلام الزنا وكل علاقة غير شرعية وحرم الوسائل والأبواب المؤدية إليها، ولذلك فإن التربية

الصفحة 123