كتاب نظام الإثبات في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 60)

وكذلك استدلوا بما رواه الدارقطني والحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رد اليمين على طالب الحق1.
ومع أن هذا المذهب أظهر من سابقه وأرجح لكونه اعتمد على أدلة نقلية منها ما هو منطوق في محل النزاع كحديث ابن عمر رضي الله عنه، إلا أنه لم يسلم أيضا من انتقاد وجه إليه، ويتلخص هذا الانتقاد في:
أولا: إن استدلالهم بالآية لا يستقيم لهم في موضوع النزاع، لأنها تدل على أن شاهدين يقومان مقام شاهدين آخرين ظهر كذبهما بعد الحلف، وليس ذلك موضوع الخلاف.
ثم إن الشافعية والمالكية وهم من أنصار هذا المذهب يقولون بنسخ هذه الآية بالآيات التي تمنع ولاية الكافر على المسلم، والشهادة فيها ولاية على المشهود عليه، ولذا فقد أبطلوا شهادة الكافر على المسلم. فكونهم لم يعملوا بالآية في موضوعها فمن باب أولى ألا يستدلوا بها هنا.
ثانيا: إن حديث ابن عمر الذي استندوا عليه مطعون في إسناده فلا يصح الاعتماد عليه. (انظر الهامش) .
__________
1 سنن الدارقطني ج4 ص 213- وجاء في التعليق المغني على سنن الدارقطني للمحدث أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي "الحديث أخرجه البيهقي والحاكم وفي إسناد كلهم محمد بن مسروق وهو لا يعرف، وإسحاق بن الفرات مختلف فيه"
هل تكفي اليمين لقطع النزاع؟
لاشك أن المدعى عليه إذا أقر بالدعوى إقراراً صحيحاً، أو ثبتت عليه الدعوى بشهود المدعي، وحكم القاضي بناء على ذلك انقطع النزاع بينهما لاتصال الحكم بالدليل الذي يؤدي إلى الحق غالبا، ولكن هل يعتبر الحال كذلك عند اتصال الحكم باليمين؟ أي هل تنقضي الدعوى إذا حلف المنكر عند عجز المدعي من تقديم بينته؟ وبمعنى آخر هل يجوز للمدعي أن يقدم بينة بعد احلاف المدعى عليه اليمين؟.
جمهور الفقهاء يرون سماع بينة المدعي بعد حلف المدعى عليه اليمين، ويعتبرون إنهاء الدعوى باليمين إنما هو إنهاء مؤقت يمكن أن تعاد مرة أخرى إذا قدم المدعي البينة التي كان قد عجز عن تقديمها قبل اليمين، ويقولون إن البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة,

الصفحة 75