كتاب نظام الإثبات في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 62)

(8) حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجم المرأة التي ظهر حملها ولا زوج لها ولا سيد. كما ورد في المتفق عليه قوله في شأن الرجم: "وإن الرجم حق في كتاب الله على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف"1.
(9) كذلك ما ورد في الموطأ وكذلك عن مسلم عن عمر وعثمان وابن مسعود -رضوان الله عليهم - بحد من وجدت منه رائحة الخمر2.
هذا نزر قليل من الأدلة الكثيرة التي أوردها مثبتو العمل بالقرائن في القضاء راعيت في اختياره قوة الثبوت ووضوح الدلالة، ولنقف الآن قليلا مع أدلة المانعين لإعمال القرائن في بناء الأحكام القضائية.
أدلة المانعين:
تتركز حجة هؤلاء في خطورة الأخذ بالقرائن لما يحوطها من الاحتمالات من شأنها أن تؤدي إلى القصاص من متهم بريء، أو إنزال العقوبة على شخص لا يستحق العقاب.
ومن الآثار الواردة في هذا المعنى:
(1) ما روي أنه أتي برجل وجد في خربة بيده سكين ملطخة بدم، وبين يديه قتيل يتشحط في دمه، فسأله علي رضي الله عنه فقال: "أنا قتلته", قال علي: "اذهبوا به فاقتلوه"، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعاً، فقال: "يا قوم لا تعجلوا ردّوه إلى علي"، فردوه، فقال الرجل: "يا أمير المؤمنين ما هذا صاحبه أنا قتلته" فقال علي للأول: "ما حملك على أن قلت: أنا قتلته ولم تقتله؟ " قال: "يا أمير المؤمنين وما أستطيع أن أصنع وقد وقف العسس على الرجل يتشحَّط في دمه وأنا واقف وفي يدي سكين وفيها أثر الدم، وقد أخذت في خربة، فخفت ألا يقبل مني وأن يكون قسامة فاعترفت بما لم أصنع واحتسبت نفسي عند الله", فقال علي: "بئسما صنعت فكيف كان حديثك؟ " قال: "إني رجل قصاب وخرجت إلى حانوتي في الغلس فذبحت بقرة وسلختها، فبينما أنا أصلحها والسكين في يدي أخذني البول فأتيت
__________
وزيدا قد غطيا رءوسها وبدت أقدامها فقال: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض "، فسُرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكون المشركين كانوا يشككون في نسبهما لاختلاف لونيهما. انظر البخاري (باب الفرائض) 3/ 139، مسلم بشرح النووي10/ 42.
1 بلوغ المرام مع سبل السلام 4/8.
2 الموطأ مع المنتقى 3/142. ط. السعادة. مصر، وانظر صحيح مسلم مع شرح النووي11/216.

الصفحة 134