كتاب الإمداد بأحكام الحداد

حداداً لمنعه الداخل، وسميت العقوبة حداً لأنها تمنع عن المعصية. وأما معناه في الاصطلاح: فهو أن تجتنب المرأة المعتدة المتوفى عنها زوجها كل ما يدعو إلى نكاحها ورغبة الآخرين فيها من طيب وكحل ولبس ومطيّب وخروج من منزل من غير حاجة.
قال ابن درستوية: "معنى الإحداد منع المعتدة نفسها الزينة وبدنها الطيب ومنع الخطّاب خطبتها والطمع فيها كما منعَ الحد المعصية"1.
وقال الزيلعي: "وهو -أي الإحداد-: ترك الزينة والطيب"2.
ونشير هنا إلى أن الإحداد فيه لغتان وهما أحدّت إحداداً فهي محدّة فهذا من باب إفعال، والثاني: تحدّ من باب ضرب يضرب، ونصر ينصر، حدّاً فهي حادّ3.
هذا ما يمكن أن يقال عن معنى الإحداد، ومنه يتبين ما بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي من العلاقة، فالمعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي لأنه يراد به المنع مطلقا، أما المعنى الاصطلاحي فيراد به منع المعتدة من أمور خاصة إلى غاية معينة محدودة وهي مدة العدة.
فالعلاقة بين المعنيين علاقة عموم وخصوص كما ترى وهذا هو الشأن في معظم الأحكام التي لها معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح إن لم نقل كلها ...
__________
1 فتح الباري ج 9 ص485.
2 تبيين الحقائق ج 3 ص 34.
3 المصدر السابق.
الفصل الثاني: في حكم الإحداد:
هذا وبعد عرض المعنى اللغوي والاصطلاحي للإحداد نرى أنه من المفيد أن نذكر حكمه لأن ذلك هو الهدف الأول من دراسة ما يتعلق به من أحكام بالنسبة للمرأة إذا توفرت شروطه فنقول: اتفق كل من يعتد بقوله من أئمة الفتوى على وجوب الإحداد على المرأة التي مات زوجها من غير فرق بين ما إذا كانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها بل هو واجب على الكل فلو أرادت المتوفى عنها زوجها تركه لم يكن لها ذلك لأن الواجب هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه في اصطلاح الأصوليين، فالمرأة التاركة للإحداد آثمة ولاشك لما ستعرف قريبا من المنقول والمعقول وإجماع الصحابة على وجوب الإحداد ولم أجد في هذا المعنى خلافا

الصفحة 148