كتاب القول الفصل في العمل بالحديث المرسل
2 - المقدمة:
يعرف علم الحديث الخاص بالرواية بأنه: علمٌ يعرف به أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها. وعلم الحديث الخاص بالدراية: علم يعرف منه حقيقة الرواية، وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحال الرواة وشروطهم، وأصناف المرويات وما يتعلق بها1.
والمتن: هو ألفاظ الحديث التي تتقن بها المعاني، والسند: هو الطريق الموصلة إلى المتن (أي أسماء رواته مرتبة) . أما الإسناد: فهو حكاية طريق المتن.
إن متن الحديث نفسه لا يدخل في البحث عند أرباب الحديث إلا نادراً، بل يكتب صفته من القوة والضعف، بحسب أوصاف الرواة من العدالة والضبط والحفظ وخلافها، أو بحسب الإسناد من الاتصال والانقطاع والإرسال والاضطراب ونحوها.
وأول من صنف في الاصطلاح القاضي أبو محمد الرامهرمزي بكتابه (المحدث الفاصل) وتلاه الحاكم أَبو عبد الله النيسابوري، لكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الأصفهاني، ثم جاء بعدهم الخطيب البغدادي فوضع قوانين الرواية في كتابه (الكفاية) إلى أن جاء الحافظ الإمام ابن الصلاح فوضع كتابه الشهير، فهذب فنونه وجمع به علوم سابقيه فكان من أئمة هذا الشأن.
لا تخرج أنواع الحديث عن ثلاثة: حسن صحيح، وحسن، وضعيف؛ لأنه إن اشتمل من أوصاف القبول على أعلاها فالصحيح، أو على أدناها فالحسن، أو لم يشتمل على شيء منها الضعيف.
وقد صنف العلماء كالحاكم وابن الصلاح والنووي، الحديث المرسل ضمن الأحاديث الضعيفة لما فيه من انقطاع في السند، واختلفوا فيه بين قبول ورد وتفصيل. وقد عرف المرسل بأنه: ما سقط منه الصحابي، كقول نافع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وهو المشهور عند المحدثين. وقد يطلق المرسل على الحديث الذي قد سقط راو من رواته فيدخل فيه المعضل والمنقطع، وهو رأي الفقهاء والأصوليين، ومما يشهد للتعميم قول ابن القطان: "إن الإرسال رواية الرجل عمن لم يسمع منه".
__________
1 التهانوي: قواعد في علوم الحديث. ص 23.
الصفحة 30
336