كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 1)
وإن كان مخففا كبول ما يؤكل لحمه جازت
ـــــــــــــــــــــــــــــQوصاحبيه، فإن التغليظ عند أبي حنيفة يثبته بنص، فعلى نجاسته من غير معارضة نص آخر في طهارته، والتخفيف يثبت بتعارض النصين، وعندهما التغليظ يثبت بما وقع الإجماع على نجاسته، والتخفيف بما وقع الاختلاف.
وفائدة الخلاف تظهر في مثل الروث، فعنده نجس مغلظ لحديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ليلة الجن، ولم يعارضه غيره، وعندهما: مخفف لأنه عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - طاهر، ومن الأشياء المذكورة فيما مضى البول وهو على أنواع أربعة:
الأول: بول الآدمي الكبير فحكمه أنه نجس مغلظ بإجماع المسلمين من أهل الحل والعقد، وابن المنذر نقل الإجماع عن أصحابنا وأصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
الثاني: بول الصبي الذي لم يطعم فكذلك عند جميع أهل العلم قاطبة إلا ما نقل عن داود الظاهري بطهارتها ولا يعتبر خلافه، وعند الشافعي نجاسة خفيفة، وقال الأوزاعي: لا بأس ببول الصبي ما دام يشرب اللبن ولا يأكل الطعام، وهو قول عبد الله بن وهب صاحب الإمام مالك، واحتجوا في ذلك بأحاديث منها: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي فبال عليه فدعى بماء فأتبعه بوله ولم يغسله» . قلنا: لم يغسله محمول على نفي المبالغة فيه، وما ورد في الأحاديث من النضح المراد به الصب، وقال في " المعلم في شرح صحيح مسلم ": بال في ثوبه - عائد إلى الصبي - وهو في حجره - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على ثوب نفسه فنضح ثوبه خوفاً من أن يكون طار منه على ثوبه، وهو بعيد، لأن الآثار جاءت صريحة بأن المراد به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
والثالث: بول الحيوان الذي لا يؤكل لحمه، فحكمه أنه نجس مغلظ عندنا، وعند الشافعي وعند الإمام مالك والفقهاء كافة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "استنزهوا" وحكي عن النخعي طهارته، وهو مردود، وحكى ابن حزم الظاهري عن داود: أن الأبوال كلها والأرواث كلها طاهرة من كل حيوان إلا الآدمي، وهذا في نهاية الفساد.
والرابع: بول الحيوان الذي يؤكل لحمه فحكمه أنه نجس عند أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي وغيرهم - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - على ما يأتي تفصيله في "النجاسة". وقال مالك وعطاء والثوري والنخعي وزفر وأحمد: بوله وروثه طاهران، واختاره الروياني وابن خزيمة من أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هكذا حكاه النووي، والصواب في مذهب زفر: أن روثه نجس مخفف كمذهب أبي يوسف ومحمد، وعند محمد والليث بوله طاهر وروثه.
م: (وإن كان) ش: النجس م: (مخففاً كبول ما يؤكل لحمه) ش: كالإبل والبقر والغنم م: (جازت
الصفحة 728
763