كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 1)
وهذا يشير إلى أنه لا يشترط الغسل بعد زوال العين وإن زالت بالغسل مرة واحدة، وفيه كلام، وما ليس بمرئي فطهارته أن يغسل حتى يغلب على ظن الغاسل أنه قد طهر، لأن التكرار لا بد منه للاستخراج ولا يقطع بزواله فاعتبر غالب الظن كما في أمر القبلة، وإنما قدروا بالثلاث
ـــــــــــــــــــــــــــــQفإن قلت روى أبو داود وغيره من «حديث أم قيس بنت محصن تقول: سألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن دم الحيض يكون في الثوب، قال: "حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر" ففيه إضافة سدر إلى الماء» .
قلت: إنما أمرها مبالغة في الإنقاء وقطع أثر دم الحيض لا غير، واسم أم قيس: أميمة، قاله السهيلي، وقيل خزامة، ويعفى بقاء ريحه بعد زوال العين، قال الكرخي في " شرح الجامع الصغير ": الثوب أصابته نجاسة كثيرة فغسل وبقيت رائحتها لم يكن لها حكم، وقال الأترازي: في هذا الموضع إلا إذا بقي ما في إزالته مشقة بأن لا يزول بالماء الصرف كاللون فيعفى عن ذلك «لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في دم الحيض: "حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء ولا يضرك أثره» .
قلت: ولم يبين أحد هذا الحديث ولا من خرجه ويحتج به تماماً. والحديث رواه أبو داود من «حديث أسماء بنت أبي بكر، قالت: سألت امرأة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ قال: "إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء ثم لتصل» " وليس فيه ولا يضرك أثره.
الموضوع الثالث: فيه إشارة إلى أن عين النجاسة إذا زالت بمرة واحدة لا يحتاج إلى غسل بعده، أشار إليه بقول م: (وهذا) ش: أي لفظ القدوري م: (يشير إلى أنه لا يشترط الغسل بعد زوال العين) ش: أي عين النجاسة م: (وإن زالت بالغسل مرة واحدة) ش: كلمة إن واصلة بما قبله، والمعطوف عليه في الحقيقة محذوف تقديره إن لم يزل وإن زالت م: (وفيه كلام) ش: أي اختلاف المشايخ.
وقال الهندواني والطحاوي: يغسل مرتين بعد زوال العين، وقال بعضهم: يطهر وإن كانت بمرة واحدة كذا في " المبسوط " وفي " الجامع الكردري ": يغسل ثلاثاً بعده، وكذا في فخر الإسلام: يغسل ثلاثاً بعد زوال العين، ذكره في " الجامع الكبير " م: (وما ليس بمرئي) ش: أي النجس الذي لا يرى بالعين م: (فطهارته أن يغسل حتى يغلب على ظن الغاسل أنه قد طهر) ش: لأن الظن أصل في الشرع.
فإن قلت: لو غسل الصبي أو المجنون طهر ولا ظن.
قلت: غسلهما مثل الماء الذي جرى على الثوب النجس وغلب على ظنهما زوال نجاسته بزوال استعماله ولا نجاسة هاهنا.
م: (لأن التكرار لا بد منه للاستخراج ولا يقطع بزواله) ش: يعني لا يعلم قطعاً ويقيناً بزوال ما ليس بمرئي م: (فاعتبر غالب الظن كما في أمر القبلة) ش: إذا اشتبهت م: (وإنما قدروا بالثلاث) ش:
الصفحة 739
763