كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 1)

وما رواه متروك الظاهر، فإنه لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف جاز بالإجماع وغسله بالماء أفضل
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] (التوبة: الآية 108) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [و] روى الدارقطني ثم البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن علقمة ابن قيس عن ابن مسعود «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذهب في حاجته فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين وروثة فألقي الروثة وقال: "إنها ركس ائتني بحجر» .
الجواب عن الأول والثاني: أن البخاري لما خرج هذا الحديث قال: وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق: حدثني عبد الرحمن هذا، فزال الانقطاع والتدليس أيضاً، ودليل آخر على رفع التدليس ما ذكره الإسماعيلي في "صحيحه " المستخرج على البخاري بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يحيى بن سعيد لا يرضى أن يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق.
والجواب الثالث: إن البخاري لم ير ذلك متعارضا وجعلهما إسنادين أو أسانيد، ورجح رواية زهير لكونه أحفظ وأتقن من إسرائيل.
والجواب عن الرابع: أن الحديث في البخاري وليس فيه الزيادة المذكورة، والإيتار يقع على الواحد يعني لما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «من استجمر فليوتر» ، أمر بالإيتار، والإيتار قد يقع على الواحد ولا يلزم أن يكون ثلاثاً أو خمساً؛ وأصل الإيتار أوتار، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. م: (وما رواه) ش: أي ما رواه الشافعي من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وليستنج بثلاثة أحجار» م: (متروك الظاهر فإنه لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف) ش: والأحرف جمع حرف، وحرف كل شيء طرفه وشفره وحده م: (جاز بالإجماع) ش: فلا يصح استدلاله به على الخصم أو يقول ما رواه يحتمل الاستحباب، وما رويناه محكم فيحمل المجمل على المحكم توفيقا بين الحديثين م: (وغسله) ش: أي غسل موضع الاستنجاء م: (بالماء أفضل) ش: من الاستنجاء بالحجر.

[ما يكون به الاستنجاء]
واختلف السلف في الاستنجاء، أما المهاجرون فكانوا يستنجون بالأحجار، وأنكر الاستنجاء بالماء سعد بن أبي وقاص وحذيفة وابن الزبير وابن المسيب قالوا: إنما ذلك وصف للنساء، وكان الغسل لا يتغسل بالماء. وقال عطاء: وكان الأنصار يستنجون بالماء، وكان ابن عمير بعد أن لم يكن يراه، وقال: جربناه ووجدناه دواء وطهوراً، وبه قال رافع بن خديج وعن أنس كان يستنجي بالحرض.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] (التوبة: الآية 108) ش: وأنزلت في أقوام كانوا يتبعون الحجارة بالماء) أراد بالأقوام: أهل قباء، «وقال الشعبي: لما نزلت هذه الآية، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا أهل قباء ما هذا الشأن الذي أثني عليكم» ، قالوا: ما من أحد منا إلا وهو يستنجي

الصفحة 755