كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 1)

وأنزلت في أقوام كانوا يتبعون الحجارة بالماء، ثم هو أدب وقيل هو سنة في زماننا. ويستعمل الماء إلى أن يقع في غالب ظنه أنه قد طهر ولا يقدر بالمرات إلا إذا كان موسوسا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبالماء، وفي رواية قال: «يا معشر الأنصار إن الله عز وجل قد أثنى عليكم فما الذي تصنعون عند الوضوء أو عند الغائط"، قالوا: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نتبع الغائط بالأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء، فتلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] » ، واحتج الطحاوي الاستنجاء بالماء بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] (البقرة: الآية 222) ، يعني المتطهرين بالماء، قال بهذا عطاء ومثله عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأبى الجواز.

م: (ثم هو أدب) ش: أي الغسل بالماء بعد استعمال الحجر أو المدر أدب لما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - "أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغسل مقعدته ثلاثاً» ، رواه ابن ماجه، «وعن عائشة قالت: "مروا أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول بالماء، فإن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعله وأن أستحييهم» ، رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " [إن من كان قبلكم] كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء "، رواه أبو بكر بن أبي شيبة. وفي " المحيط ": ليس فيه عدد لازم بالماء، وكان أدبا في عصره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم صار سنة أشار إليه بقوله (وقيل هو سنة في زماننا) ش: رواية عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المذكورة آنفا في " الحلية ": الأفضل الجمع بينهما، فإذا اقتصر على أحدهما فالماء أولى، وإن اقتصر على الحجر جاز. وفي " شرح الوجيز ": لو كان الخارج من السبيلين نادراً كالدم والقيح ففيه قولان:
أحدهما أنه يتعين إزالته بالماء لأن الاقتصار على الحجر تخفيف على خلاف القياس فيقتصر على ما تعم به البلوى، فلا يلحق به غيره.
الثاني أنه يجوز الاقتصار على الحجر وهو الأصح نظرا إلى المخرج. وفي " المبسوط ": استنجى من الغائط والبول والمذي والودي والمني والدم الخارج من السبيلين دون سائر الأحداث، وفي " الدراية ": كون الغسل أفضل إذا أنقاه بالأحجار، لأن النص ورد على هذا الوجه.
م: (ويستعمل الماء إلى أن يقع في غالب ظنه أنه قد طهر) ش: أي يستعمل المستنجي الماء إلى وقوع غلبة ظنه أن الموضع قد طهر، وأشار بهذا إلى أن العدد فيه ليس بشرط، ونبه عليه أيضاً بقوله: م: (ولا يقدر بالمرات) ش: أي ولا يقدر استعمال الماء بالعدد، بل الاعتبار غلبة الظن م: (إلا إذ كان) ش: أي المستنجي م: (موسوسا) ش: بكسر السين على صيغة الفاعل لأنه هو الذي يلقي الوسوسة في خلده، والوسوسة حديث النفس. وقال الأترازي: ولا يقال بالفتح. قلت: لا مانع من ذلك، لأن صاحب " الكافي " قال: الوسوسة [ ... ] الذي يرى في المرأة كإيقاع الشيطان شيئاً في قلب المؤمن فهي وسوسة فتأمل، وتجد للفتح باباً، والشيطان الذي يوسوس في هذا

الصفحة 756