كتاب تفسير الثعالبي - مؤسسة الأعلمي (اسم الجزء: 2)
وهو اعظم من العقوبة والفاء في قوله سبحانه فجاءها بأسنا لترتيب القول فقط وقيل المعنى اهلكناها بالخذلان وعدم التوفيق فجاءها بأسنا بعد ذلك وبياتا نصب على المصدر في موضع الحال وقائلون من القائلة وانما خص وقتي الدعة والسكون لان مجيء العذاب فيهما افظع واهول لما فيه من البغتة والفجأة قال ابو حيان أو للتفصيل أي جاء بعضهم بأسنا ليلا وبعضهم نهارا انتهى و
قوله عز و جل فما كان دعواهم اذ جاءهم بأسنا الا ان قالوا انا كنا ظالمين هذه الآية يتبين منها ان المراد في الآية قبلها اهل القرى والدعوى في كلام العرب تأتي لمعنيين احدهما الدعاء ومنه قوله عز و جل فما زالت تلك دعواهم والثاني الادعاء وهذه الآية تحتمل المعنيين ثم استثنى سبحانه من غير الاول كأنه قال لم يكن منهم دعاء او ادعاء إلا الاقرار والاعتراف أي هذا كان بدل الدعاء والادعاء واعترافهم وقولهم انا كنا ظالمين هو في المدة التي ما بين ظهور العذاب الى اتيانه على انفسهم وفي ذلك مهلة بحسب نوع العذاب تتسع لهذه المقالة وغيرها وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم
وقوله سبحانه فلنسئلن الذين أرسل اليهم ولنسئلن المرسلين الآية وعيد من الله عز و جل لجميع العالم أخبر سبحانه انه يسأل الامم اجمع عما بلغ اليهم عنه وعن جميع اعمالهم ويسأل النبيين عما بلغوا وهذا هو سؤال التقرير فان الله سبحانه قد احاط علما بكل ذلك قبل السؤال فأما الانبياء والمؤمنون فيعقبهم جوابهم رحمة وكرامة وأما الكفار ومن نفذ عليه الوعيد من العصاة فيعقبهم جوابهم عذابا وتوبيخا ت وروى ابو عمر بن عبد البر في كتاب فضل العلم بسنده عن مالك انه قال بلغني ان العلماء يسألون يوم القيامة كما تسأل الانبياء يعني عن تبليغ العلم انتهى وخرج ابو نعيم الحافظ من حديث الاعمش عن النبي صلى الله عليه و سلم ما من عبد يخطو خطوة
الصفحة 3
400