كتاب بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (اسم الجزء: 2)

ابْن ثَوْبَان، حَدثنِي جَابر بن عبد الله، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته نَحْو الْمشرق فَإِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة نزل فَاسْتقْبل الْقبْلَة ".
فَهَذَا نَص سَمَاعه مِنْهُ فِي هذَيْن الْحَدِيثين، وهما صَحِيحَانِ، ذكرهمَا جَمِيعًا البُخَارِيّ فِي جمَاعه.
ومنهما يتَبَيَّن الْخَطَأ فِي إِطْلَاق القَوْل بِأَنَّهُ لم يسمع من جَابر، وَلَو قَالَ كَمَا قَالَ النَّسَائِيّ كَانَ أعذر، على أَنه قد تبين أَنه سمع ذَلِك الحَدِيث كَمَا قدمْنَاهُ.
وَقد ذكر مُسلم - إِثْر رِوَايَة شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حسن، عَن جَابر - أَن شُعْبَة قَالَ: " كَانَ يبلغنِي عَن يحيى بن أبي كثير، أَنه كَانَ يزِيد فِي هَذَا الحَدِيث وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد: " عَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم ".
قَالَ: فَلَمَّا سَأَلته لم يحفظه ".
فجَاء من هَذَا أَن رِوَايَة شُعْبَة الَّتِي جعلهَا النَّسَائِيّ حجَّة على انْقِطَاع رِوَايَة شُعَيْب عَن الْأَوْزَاعِيّ، لَيْسَ فِيهَا ذكر الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة.
فَإِذن، إِنَّمَا / الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن جَابر كَمَا بَيناهُ.
وهنالك أَيْضا غلط آخر للنسائي فِي هَذَا الحَدِيث، وَذَلِكَ أَنه ظن فِي رِوَايَة عمَارَة بن غزيَّة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن جَابر لهَذَا الحَدِيث، أَنه أَيْضا ابْن ثَوْبَان، وَهُوَ خطأ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عمَارَة بن غزيَّة، عَن مُحَمَّد بن

الصفحة 583