كتاب المخلصيات (اسم الجزء: 3)

أولبستَ فأَبليتَ، أوأَعطيتَ فأَمضيتَ (¬1) ، وما بقيَ فلمولاكَ» ، قلتُ: لِمولايَ؟ قالَ: «نَعم» . قالَ: قلتُ: واللهِ لئنْ بقيتُ لأَدَعَنَّ عِدَّتَها قليلةً (¬2) .
قالَ الحسنُ: ففعلَ رحمَهُ اللهُ، فلمَّا حضرْته الوفاةُ دعا بنيهِ فقالَ: يا بنيَّ، خُذوا عنِّي، فلا أَحدَ أَنصحُ لكم مِني، إِذا أَنا متُّ فسَوِّدوا أَكابرَكم ولا تُسوِّدوا أَصاغِرَكم، فيَستسفِهَ الناسُ كبارَكم، وتَهونوا عَليهم، وعليكم باستصلاحِ المالِ، فإنَّه منبهةٌ للكريم، ويُستَغنى به عن اللئيمِ، وإيَّاكم والمسألةَ، فإنَّها آخِرُ كسبِ المرءِ، إنَّ أحداً لم يسألْ إلا تَركَ كسبَهُ، فإذا (¬3) أَنا متُّ فكفِّنوني في ثِيابي التي كنتُ أُصلِّي فيها وأَصومُ، وإيَّاكم والنياحةَ عليَّ، فإنِّي سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَنهى عنها، وادفِنوني في مكانٍ لا يعلمُ به أحدٌ، فإنَّه قد كانتْ بينَنا وبينَ بكرِ بنِ وائلٍ خُماشاتٌ في الجاهليةِ، وأَخافُ (¬4) أَن يُدخِلوها عَليكم في الإسلامِ فيَعيثوا عَليكم دِينَكم.
قالَ الحسنُ رحمَه اللهُ: نُصحاً في الحياةِ، ونُصحاً في المماتِ (¬5) .
1903- (16) حدثنا عبدُاللهِ قالَ: حدثنا محمدُ بنُ الفرجِ مَولى بني
¬__________
(¬1) في ظ (21) : ولبست فأبليت، وأعطيت فأمضيت.
(¬2) في ظ (21) : قليلاً.
(¬3) في ظ (21) : وإذا.
(¬4) في ظ (21) : فأخاف.
(¬5) أخرجه المزي (24/ 59-61) من طريق المخلص به. وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (956) ، والطبراني 18/ (870) ، والحاكم (3/ 612) ، والمزي (24/ 61-62) من طريق الحسن البصري به.
ويأتي (3015) .
وعند أحمد (5/ 61) طرفه الأخير من وجه آخر عن قيس بن عاصم بنحوه.

الصفحة 16