899-
وَرُبَّمَا أُعْطِيَ لَفْظُ الْوَصْلِ مَا ... لِلْوَقْفِ نَثْرَاً وَفَشَا مُنْتَظِماً
أي قد يحكم للوصل بحكم الوقف، وذلك في النثر قليل كما أشار إليه بقوله "وربما" ومنه قراءة غير حمزة والكسائي {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} 1، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ} 2 ومنه أيضا {مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ} 3، {مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ} 4، ومنه قول بعض طيئ "هذه حبلو يا فتى" لأنه إنما تبدل هذه الألف واوا في الوقف، فأجرى الوصل مجراه، وهو في النظم كثير، من ذلك قوله [من الرجز] :
1205-
[كأنه السيلُ إذا اسلحبَّا] ... مثل الحرِيقِ وَافَقَ القَصَبَّا
__________
1 البقرة: 259.
2 الأنعام: 90.
3 الحاقة: 28، 29، 30.
4 القارعة: 10، 11.
1205- التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 318، 320؛ ولربيعة بن صبح في شرح شواهد الإيضاح ص264؛ ولأحدهما في شرح التصريح 2/ 346؛ والمقاصد النحوية 4/ 549؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص673؛ وشرح المفصل 3/ 94، 139، 9/ 68، 82.
شرح المفردات: اسلحب الطريق: كان ممتدا. وهنا بمعنى امتلأ. القصبة: نوع من البنات.
المعنى: يصف الراجز الجراد الذي يخشى أن يراه، وقد أخصبت الأرض، أن يهجم على الأرض كالسيل الجارف، وكالحريق الذي يلتهم القصب.
الإعراب: "كأنه": حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير في محل نصب اسم "كأن". "السيل": خبر "كأن" مرفوع. "إذا": ظرف زمان، متعلق بحال محذوفة من "السيل". "اسلحبا": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره "هو"، والألف للإطلاق. "مثل": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هو"، أو خبر ثان لـ"كأن"، وهو مضاف. "الحريق": مضاف إليه مجرور. "وافق": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هو". "القصبا": مفعول به منصوب، والألف للإطلاق.
وجملة: "كأنه السيل" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "اسلحب" في محل جر بالإضافة. وجملة "هو مثل الحريق" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وافق القصبا" في محل نصب حال من "الحريق".
الشاهد فيه قوله: "القصبا" حيث شدد الباء كأنه وقف عليها بالتضعيف، مع أنه وقف باجتلاب ألف الوصل، وهذا ضرب من معاملة الوصل معاملة الوقف.