و - الثورات التمهيدية:
لم تعرف الجزائر المجاهدة الهدوء أو الاستقرار منذ وطئت أقدام الغزاة المستعمرين ثرى الجزائر الطهور، ولم تكن ثورة باي قسنطينة في المشرق، وثورة الأمير عبد القادر في بقية أنحاء القطر الجزائري إلا البدايات الأولى للمقاومة التي لم تتوقف في يوم من الأيام.
1 - كان في منطقة (سور الغزلان) معلم يعلم القرآن الكريم للأطفال، اسمه محمد الأمجد بن عبد المالك، ولقبه (الشريف بوبغلة)، أغضبه ما كان يقوم به الإفرنسيون من انتهاكات ضد الإسلام والمسلمين، فأعلن ثورته في العام 1851 بعد أن انتقل إلى (بني مليكش) في حوض وادي الساحل الغربي، حيث انضم إليه الحاج عمر شيخ زاوية محمد بن عبد الرحمن الرحمانية وأتباعه الذين امتدت حركتهم إلى معظم مناطق جبال جرجرة والبيبان والبابور وحوض الصومام. وفي سنة 1854، قاد الحاكم العام للجزائر (راندون) (¬1) قوات ضخمة لاقتحام جبال جرجرة، واغتنم فرصة تمرد السكان ضد (آغاسباو بلقاسم أوقاسي) بتحريض من الشريف (بوبغلة) وتوغل بها إلى حوض سباو لمطاردة الثوار، واستطلاع المنطقة تمهيدا للعمليات العسكرية المقبلة. وأمكن له خلال هذه المطاردة القضاء على (بوبغلة) في كانون الأول - ديسمبر - 1854. غير أن الثورة استمرت في (ذراع الميزان) بقيادة الحاج عمر و (الإخوان الرحمانيين) حتى سنة 1856.
¬__________
(¬1) راندون: (RANDON CESAR ALEXANDRE MARECHAL DE FRANCE)
قائد فرنسي، من مواليد غرونوبل (1795 - 1871). قام بدور كبير في حروب الجزائر التي برز فيها اسمه، وهو الذي قمع ثورات منطقة القبائل، وأصبح وزيرا للحربية طوال الفترة من سنة 1851 إلى سنة 1867.