كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 7)
وَلَعَلَّ النَّاظر يقف على كَلَام شَيخنَا الذَّهَبِيّ فِي هَذَا الْموضع من تَرْجَمَة الخبوشاني فَلَا يحفل بِهِ وَبِقَوْلِهِ فِي ابْن الكيزاني إِنَّه من أهل السّنة
فالذهبي رَحمَه الله متعصب جلد وَهُوَ شَيخنَا وَله علينا حُقُوق إِلَّا أَن حق الله مقدم على حَقه وَالَّذِي نقُوله إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن يسمع كَلَامه فِي حَنَفِيّ وَلَا شَافِعِيّ وَلَا تُؤْخَذ تراجمهم من كتبه فَإِنَّهُ يتعصب عَلَيْهِم كثيرا
وَمن ورع الخبوشاني
انه كَانَ يركب الْحمار وَيجْعَل تَحْتَهُ أكسية لِئَلَّا يصل إِلَيْهِ عرقه
وَجَاء الْملك الْعَزِيز إِلَى زيارته وَصَافحهُ فاستدعى بِمَاء وَغسل يَدَيْهِ وَقَالَ يَا وَلَدي أَنْت تمسك الْعَنَان وَلَا يتوقى الغلمان عَلَيْهِ فَقَالَ اغسل وَجهك فَإنَّك بعد المصافحة لمست وَجهك فَقَالَ نعم وَغسل وَجهه
وَلما خرج صَلَاح الدّين إِلَى الإفرنج نوبَة الرملة جَاءَ الشَّيْخ الخبوشاني إِلَى وداعه وَالْتمس مِنْهُ أمورا من المكوس يُسْقِطهَا عَن النَّاس فَلم يفعل فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ قُم لَا نصرك الله ووكزه بعصاة فَوَقَعت قلنسوة السُّلْطَان عَن رَأسه فَوَجَمَ لَهَا ثمَّ توجه إِلَى الْحَرْب فَكسر وَعَاد إِلَى الشَّيْخ فَقبل يَده وَعرف أَن ذَلِك بِسَبَب دَعوته
وَانْظُر إِلَى كَلَام الذَّهَبِيّ هُنَا فِي تَارِيخه وَقَوله ظن السُّلْطَان أَن ذَلِك بدعوته
وَلَو كَانَت هَذِه الْحِكَايَة لمن هُوَ على معتقده من المبتدعة لهول أمرهَا وَقَالَ جرى على صَلَاح الدّين بدعائه مَا جرى وَاسْتقر كَلَامه يثبت عنْدك مَا نقُوله
وَكَانَ تَقِيّ الدّين عمر بن أخي السُّلْطَان لَهُ مَوَاضِع يُبَاع فِيهَا المزر فَكتب الشَّيْخ ورقة إِلَى صَلَاح الدّين إِن هَذَا عمر لَا جبرة الله يَبِيع المزر
فسيرها صَلَاح الدّين إِلَى عمر وَقَالَ لَا طَاقَة لنا بِهَذَا الشَّيْخ فأرضه فَركب إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ حَاجِبه قف بِبَاب
الصفحة 16
386