كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 7)
بديار مصر فَبَقيت التّرْك إِلَى المستهل من السّنة الْمَذْكُورَة فَقطعت خطبه الفاطميين وخطب لأمير الْمُؤمنِينَ المستضيء وَأرْسل إِلَى بَغْدَاد بالْخبر
وَتُوفِّي العاضد بعد ذَلِك فِي يَوْم عَاشُورَاء بِالْقصرِ وَجلسَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين بعد ذَلِك للعزاء وَأغْرب فِي الْحزن والبكاء وتسلم الْقصر بِمَا فِيهِ من خَزَائِن ودفائن وأموال لَا تعد وَلَا تحصى وأمتعته اسْتمرّ البيع فِيهَا بَعْدَمَا أهْدى ووهب وَأطلق وادخر عشر سِنِين
ويحكى أَن صَلَاح الدّين قَالَ لَو علمت أَن العاضد يَمُوت بعد عشرَة أَيَّام مَا قطعت خطبَته وَأَنه قَالَ مارأيت أكْرم من العاضد أرْسلت إِلَيْهِ مُدَّة مقَام الإفرنج على دمياط أطلب مِنْهُ نَفَقَة فَأرْسل إِلَيّ ألف ألف دِينَار مصرية نصفهَا خَمْسمِائَة ألف دِينَار غير الثِّيَاب والأمتعة
ثمَّ أودع صَلَاح الدّين أقَارِب العاضد السجْن وَقرر لَهُم النَّفَقَات وزائد الصلات
واستفحل أمره وَكَانَ على يَده فتح بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ الْفَتْح الَّذِي اشْتهر بِهِ شرقا وغربا وَحصل من الْجنَّة والقلوب قربا وَأبقى لَهُ إِلَى يَوْم الدّين ثَنَاء حسنا رَحمَه الله وَرَضي عَنهُ
وَكتب فِي سنة سبعين وَخَمْسمِائة إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ المستضيء بِأَمْر الله كتابا من إنْشَاء القَاضِي الْفَاضِل يعدد مَاله من الفتوحات وَمن جِهَاد الفرنج مَعَ نور الدّين وفعالهم الْحَسَنَة وإقامتهم الْخطْبَة لأمير الْمُؤمنِينَ وَلَا عهدنا قِيَامهَا مُنْذُ دهر واستيلاءه على الْبِلَاد الْكَثِيرَة من أَطْرَاف الْمغرب إِلَى أقْصَى الْيمن وَأَن فِي هَذِه السّنة كَانَ عندنَا وَفد نَحْو سبعين رَاكِبًا كلهم يطْلب لسلطان بَلَده تقليدا ويرجو منا وَعدا وَيخَاف وعيدا وَأكْثر من ذَلِك إِلَى أَن قَالَ وَالْمرَاد الْآن تَقْلِيد جَامع بِمصْر واليمن وَالْمغْرب وَالشَّام وكل مَا تشْتَمل عَلَيْهِ الْولَايَة النورية يَعْنِي ولَايَة نور الدّين مَحْمُود وكل مَا يَفْتَحهُ الله للدولة
الصفحة 20
386