كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 7)

العباسية بسيوفنا وَلمن يَنْضَم من أَخ وَولد من بَعدنَا تقليدا يضمن للنعمة تخليدا
وَعظم خطْبَة بِحَيْثُ إِنَّه لما مَاتَ المستضيء وَولى النَّاصِر لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ لم تكن لَهُ قدرَة عَلَيْهِ مَعَ مَا كَانَ النَّاصِر عَلَيْهِ من عَظمَة لَا توازى وخضوع مُلُوك الأَرْض لَهُ شرقا وغربا وقهره الكافة بعدا وقربا وَأرْسل إِلَى صَلَاح الدّين كتابا يعاتبه على أُمُور مِنْهَا تَسْمِيَته بِالْملكِ النَّاصِر وَأَنه لَا يَنْبَغِي لَك يَا صَلَاح الدّين أَن تتسمى باسمي فَإِن مَا يصلح للْمولى على العَبْد حرَام
فَأَجَابَهُ بِأَن هَذِه التَّسْمِيَة من زمن المستضيء قبل أَن يكون مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خَليفَة وَكَانَ هَذَا الْجَواب من القَاضِي الْفَاضِل وتلاطف بِهِ فَإِن القَاضِي الْفَاضِل كَانَ يهاب العباسيين لَا سِيمَا النَّاصِر لدين الله فَمَا أمكنه أَن يجِيبه إِلَّا بلطف وَقَالَ أخْشَى أَن أذبح على فِرَاشِي وَفِي مأمني وَيكون الذَّابِح لي النَّاصِر لدين الله وَهُوَ بِبَغْدَاد
وَاسْتقر صَلَاح الدّين إِلَّا أَنه تضعضعت تَسْمِيَته بِالْملكِ النَّاصِر بِحَيْثُ إِنَّه إِلَى الْيَوْم لَا يعرف إِلَّا بصلاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب مَعَ جلالته وعظمته وَلَو لم يكن لَهُ إِلَّا الحسنتان العظيمتان اللَّتَان برز بهما على الْأَوَّلين من السلاطين والآخرين وهما فتح بَيت الْمُقَدّس وإبادة الفاطميين وَقد علم النَّاس سيرتهم كَيفَ كَانَت وسبهم الصَّحَابَة وفعالهم القبيحة الَّتِي لَا تعد وَلَا تحصى من عدم مبالاتهم بِأُمُور الدّين وَقلة نظرهم إِلَّا فِي فَسَاد الْمُسلمين وَلَو لم يكن إِلَّا الْحَاكِم وفعاله الَّتِي صَارَت تواريخ وتسويته تَارَة بَين جَمِيع الْأَدْيَان وَحكمه آوانه بِخِلَاف ماأنزل الرَّحْمَن وَحمله النَّاس على مَا يوسوس بِهِ الشَّيْطَان وَلَقَد كَاد يَدعِي الإلهية وَرُبمَا ادَّعَاهَا وَمن أَرَادَ أَن ينظر الْعجب فَلْينْظر إِلَى تَرْجَمته فِي التواريخ المبسوطة
وَلَقَد أطلنا فِي هَذِه التَّرْجَمَة وَلَا بُد من فَائِدَة

الصفحة 21