90 - وكذا قوله: وما هو على الغيب بضنين «1» [التكوير: 24] بالظاء وبضنين وبالضاد؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه كان غير ظنين على الغيب، أي: غير متّهم فيما أخبر به عن الله تعالى، وغير ضنين به، أي: غير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه، فقد انتفى عنه الأمران جميعا، فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين «2»، وكذا ما أشبهه.
91 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع امتناع جواز اجتماعهما «3» في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه، فكقراءة من قرأ: وظنّوا أنّهم قد كذبوا «4» [يوسف: 110] بالتشديد؛ لأن المعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذّبوهم، وقراءة من قرأ قد كذبوا بالتخفيف؛ لأن المعنى: وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذّبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم، فالظن في القراءة الأولى يقين والضمير الأول [للرسل، والثاني] «5» للمرسل إليهم، والظن في القراءة الثانية شك، والضمير الأول للمرسل إليهم والثاني للرسل «6».
92 - وكذا قراءة من قرأ لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلّا ربّ السّموت والأرض بصائر «7» [الإسراء: 102] بضم التاء، وذلك أنه أسند هذا العلم إلى موسى عليه السلام حديثا منه لفرعون حيث قال: إنّ رسولكم الّذى أرسل إليكم لمجنون [الشعراء:
27]، فقال له موسى عليه السلام عند ذلك: لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلّا ربّ السّموت والأرض بصائر [الإسراء: 102] فأخبر عليه السلام عن نفسه بالعلم بذلك [أي] «8» ليس بمجنون، وقراءة من قرأ لقد علمت بفتح التاء، وذلك أنه أسند هذا العلم إلى فرعون مخاطبة من موسى له بذلك على وجه التقريع والتوبيخ له على شدّة
__________
(1) تقدم هذا الحرف في الفقرة/ 60.
(2) انظر الكشف 2/ 364، وحجة القراءات/ 752.
(3) في ت، م: (امتناعهما): وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) انظرها في النشر 2/ 296، السبعة/ 351.
(5) زيادة يقتضيها السياق.
(6) في ت، م: (للمرسل): وهو خطأ، وانظر حجة القراءات/ 366، والكشف لمكي 2/ 15.
(7) انظرها في النشر 2/ 309، السبعة/ 385.
(8) زيادة يقتضيها السياق.