الأعمش «1» عن إبراهيم «2» قال: كانوا يستحبّون إذا ختموا القرآن أن يقرءوا من أوله آيات. «3»
قال أبو عمرو: إن «4» قال قائل: لم ورد التخصيص بالتكبير من آخر والضحى دون غيرها من السور اللواتي قبلها؟ فالجواب عن ذلك ما روي أن الوحي احتبس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أربعين صباحا فقال المشركون: إن محمدا قد ودّعه ربه وقلاه فأنزل الله عزّ وجلّ والضحى فلما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كبّر حتى ختم شكرا لله تعالى لما كذب المشركين وأمر أبيّا «5» بذلك. ومما يدلّ على ذلك أنه قال لجبريل عليه السلام لما أتاه: «لقد احتبست عنّي يا جبريل» فأنزل الله جوابا عن تخلّفه عنه وما نتنزل إلا بأمر ربّك الآية. «6»
وروى أحمد بن فرح عن ابن أبي بزّة بإسناده أن النبي صلّى الله عليه وسلم أهدي إليه قطف «7»
__________
(1) سليمان بن مهران، أبو محمد الكوفي، ثقة حافظ، وهو من المدلسين، مات سنة 148 هـ، تقريب ص 254، غاية 1/ 315، وتدليسه من المرتبة الثانية الذين احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم احتجاجا، انظر تعريف أهل التقديس ص 49.
(2) إبراهيم بن يزيد النخعي، إمام ثقة، أبو عمران الكوفي، يرسل كثيرا، مات سنة 196 هـ. انظر ترجمته في: صفة الصفوة 3/ 86، السير 4/ 520. والأثر ضعيف السند لأجل المسيب بن شريك، وفيه رجال لم اجد لهم ترجمة.
(3) أورده ابن غلبون في التذكرة 2/ 659.
(4) سقطت من (م).
(5) في (ت) (آتيا) وليست واضحة في (م) والصواب (أبيا) أي: أبي بن كعب كما أثبته عاليا. وقد ذكر هذا الأثر ابن جرير في تفسيره 3/ 231، بألفاظ وطرق مختلفة. وأخرجه البخاري في صحيحه من رواية جندب بن سفيان رضي الله عنه، في كتاب التفسير، باب ما ودعك ربك وما قلى، حديث رقم (4950) مع الفتح، ولفظه اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلتين، او ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين، أو ثلاثا فأنزل الله عز وجل والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى، وليس في رواية البخاري أنه كبر بعد نزول الآيات وانظر الفتح 8/ 580.
(6) انظر تفسير ابن جرير 16/ 103، 104، فإنه روى هذا الخبر بألفاظ وأسانيد كثيرة. وروى البخاري نحوه في الصحيح، كتاب التفسير، باب وما نتنزل إلا بأمر ربك عن ابن عباس، حديث رقم 4731، انظر الفتح 8/ 282، والآية في سورة مريم (64).
(7) القطف بكسر القاف: العنقود، وهو اسم لكل ما يقطف، وأكثر المحدثين يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر. النهاية 4/ 84.