كتاب جامع البيان في القراءات السبع (اسم الجزء: 2)

واشتروا بغير همزة مخففة مرفوعة. وقال الأصبهاني «1» عن أصحابه عنه: اشتروا الضلالة بضمّ الواو من غير همز، وقال: وعصوا الرسول [النساء: 42] بضمّ الواو وتخفيفها «2».
وقال أبو عمرو: هذه التراجم كلها على اختلاف ألفاظها صحيحة، ومعناها متّفق ما خلا ترجمة الكسائي والهاشمي وأبي عمر «3» عن إسماعيل، فإنها غلط لا شك فيه إذ لا يسوّغ اللفظ بما ذكره ولا يجوز بوجه؛ لأن الواو إذا خفّفت ولم ترفع فهي ساكنة لا محالة، وما بعدها فساكن أيضا ومحال أن يلتقي ساكنان، فلا بدّ من تحريك الواو ضرورة؛ إذ بتحريكها يوصل إلى الساكن الثاني، وتحريكها لا يكون في قول الجماعة من أئمة القراءة إلا بالضمّ لا غير كما حرّكوها بذلك للساكنين أيضا في قوله: لتبلونّ
[آل عمران: 186] ولترونّ [التكاثر: 6] ثم لترونّها [التكاثر:
77].
وحدّثنا الخاقاني «4» في الإجازة، قال: نا أبو بكر بن [أشتة] «5» من قراءته في رواية إسماعيل عن نافع بالإشارة إلى الواو بالهمز، وذلك غير معروف عنه مع أن القياس
__________
(1) محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن شبيب، أبو بكر الأصبهاني المقرئ، شيخ القراء في زمانه، قرأ لورش علي عامر الجرشي وسليمان بن أخي رشدين، وسمع القراءة على يونس بن عبد الأعلى، وحذق في معرفة حرف نافع، قرأ عليه هبة الله بن جعفر وأخذ عنه ابن مجاهد. قال الداني عنه: هو إمام عصره في قراءة ورش لم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه .. توفي سنة ست وتسعين ومائتين .. معرفة 1/ 189.
(2) المشهور عن نافع أنه قرأ كل واو جمع اتصل بها فعل معتل اللام بضم الواو من غير اختلاس، قال ابن مجاهد: (اشتروا) بضم الواو باتفاق، أ. هـ. انظر السبعة في القراءات ص 145،
(3) في (م) أبي عمرو وهو خطأ.
(4) خلف بن إبراهيم بن خاقان، أبو القاسم المصري، المقرئ، أحد الحذاق في قراءة ورش، قرأ على أحمد بن أسامة التجيبي، وأبي سلمة الحمراوي، قال تلميذه الداني: كان ضابطا لقراءة ورش متقنا لها مجودا، مشهورا بالفضل والنسك، واسع الرواية صادق اللهجة، كتبنا عنه الكثير من القراءات والحديث والفقه، توفي سنة اثنتين وأربعمائة. معرفة القراء 1/ 292.
(5) في (ت) و (م) أمية، ولعل الصواب (أشتة). وهو: محمد بن عبد الله بن محمد بن أشتة، أبو بكر الأصبهاني، أستاذ كبير، وإمام شهير ونحوي محقق ثقة، له كتاب (المحبر)، وكتاب (المفيد في الشاذ) وقرأ على ابن مجاهد، قرأ عليه عبد المنعم بن غلبون، توفي سنة ستين وثلاثمائة. غاية النهاية 2/ 184.

الصفحة 843