كتاب المساجد الأثرية في المدينة النبوية

أصدق الخبر، تطاول الأيام وتطوى السنين والأعوام، يشهدها كل جيل بعد جيل، تجدها تراجم واضحة وصفحات شارحة، فمعالمها مشاهد وشواهد، يؤمها القاصدون ويستطلعها الدارسون تشريعاً في نصوص الآيات وتاريخاً في سير الغزوات وتوجيهاً في مكارم الأخلاق والمعجزات، وما تنقله المسلمون من أحداث عظام لم تزل أصداؤها تتردد في سمائها وعبقها يفوح في أرجائها، ومن أهم وأعظم هذه المعالم المسجد النبوي الشريف ومسجد قباء ومسجد الجمعة وغيرها من مساجد صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
وقد كانت بعض هذه المساجد مبنية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأخرى بناها عمر بن عبد العزيز (1) أثناء ولايته على المدينة ما بين (87 - 93 هـ) حفظاً لهذه المواقع التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه.
وهذه المساجد يتلاحى الناس فيها إفراطاً وتفريطاً فمنهم من يرى إزالة بعض هذه المساجد. والأولى أن يقال: إنها معالم تاريخية سجلت لنا ولمن بعدنا تلك المواقع، يجد الدارس المتأمل والمؤرخ المحقق بين أرجائها صفحات من سجل تاريخ الإسلام والمسلمين، وصوراً حية شاخصة للعيان أبطال وعظماء الإسلام لا سيما وإنها تحدد لنا مواقع بعض الغزوات ومساكن القبائل من الأنصار (2).
__________
(1) هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم تولى إمارة المدينة المنورة في ربيع الأول ما بين سنة 87 - 93هـ وهو ابن خمس وعشرين سنة. ثم تولى الخلافة سنة 99 هـ وتوفي سنة 101هـ ودفن في دير سمعان قرب الحلب
وكان فقيهاً محدثاً، قال أنس: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسل الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى، المعارف ص 362، تهذيب التهذيب (7 - 475 - 578).
(2) جريدة " المسلمون " العدد (373) 24/ رمضان 1412 هـ/27 مارس 1992 ص 5. باختصار.

الصفحة 11