كتاب المساجد الأثرية في المدينة النبوية

أفاد ابن النجار (المتوفي 643 هـ) أن الوليد بن عبد الملك (1) كتب إلى عمر بن عبد العزيز وهو واليه على المدينة: " مهما صح عندك من المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم فابن عليه مسجداً. (2) فنفذ عمر بن عبد العزيز هذه الخطة بالدقة والعناية وقام ببناء المساجد في المواضع التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها ولذا ذكر ابن شبه (المتوفي 262 هـ) وغيره: أن كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل - والناس يومئذ متوافرون - عن المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة. (3) وتفيد المصادر أيضاً أنه أول من بنى محراباً في هذه المساجد، وأطلق المؤرخون على هذا الطراز المعماري للمساجد " البناء العمري. " وقد استمر الأمراء والأعيان وغيرهم من عامة المسلمين يهتمون بهذه المساجد الأثرية عمارة وتجديداً وترميماً وتوسعة.
وفي القرون الأخيرة قام السلاطين العثمانيون بتجديدها وترميمها، وخاصة السلطان سليمان خان العثماني (4) الذي أمر بتجديد جميع المساجد الأثرية بالمدينة المنورة أثناء خلافته 926 - 948 هـ.
وبهذا تبين أن كثيراً من هذه المساجد كانت موجودة مبنية في القرن
__________
(1) هو الوليد بن عبد الملك بن مروان ولي الخلافة بعد أبيه سنة 86 هـ إلى أن توفي سنة 96 هـ وهو ابن ثمان وأربعين سنة. المعارف لابن قتيبة ص 359.
(2) أخبار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ص 116، الجواهر الثمينة في محاسن المدينة مخطوطة ورقة رقم 50.
(3) تاريخ المدينة المنورة لابن شبة
(1/ 74)، المغانم المطابة في معالم طابة، مخطوط، ورقة رقم 214، فتح الباري (1/ 571).
(4) هو السلطان سليمان خان الأول المعروف بالقانوني ولد سنة 900هـ تولى الخلافة سنة 926 هـ، 1520 م وتوفي سنة 974 هـ/ 1566 م. المدينة المنورة تطورها العمراني ص 313.

الصفحة 13