معاذ وسعد بن عبادة (1) وعبدالله بن رواحة وخوات بن جبير (2) وقال لهم: انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فذهبوا ووجدوهم مكاشفين بالغدر ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا سعد بن معاذ: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة، وأتوا بالخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يهود بني قريظة قد مزقوا الصحيفة ونقضوا العهد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين.
ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق أتاه جبريل عليه السلام وكان يغتسل من وعثاء تلك المرابطة في بيت أم سلمة رضي الله عنها فخرج إِليه، فقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعناه، فاخرج إِليهم. قال: فإِلى أين؟ قال: هاهنا. وأشار إِلى بني قريظة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: ((لا يُصَلِّين أحد العصر إِلا في بني قريظة))، فأدرك بعضهم العصر في الطريق. فقال بعضهم: لا نصلي العصر حتى نأتيها. وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم.
وحاصر بني قريظة خمساً وعشرين ليلة حتى نزلوا على حكم سعد ابن معاذ فحكم بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم وذلك لنقض عهدهم
__________
(1) هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة سيد الخزرج شهد العقبة، كان يكتب في الجاهلية ويحسن العوم والرمي وكان يحمل راية الأنصار في الغزوات، وتخلف من بيعة أبي بكر وخرج من المدينة وتوفي بحوران من أرض الشام سنة 15هـ وقيل بعد ذلك. المعارف لابن قتيبة ص 259، تهذيب التهذيب (3/ 475).
(2) هو خوات بن جبير الأنصاري، صحابي. قيل: إِنه شهد بدراً، توفي سنة أربعين أو بعدها وله أربع وسبعون سنة. تقريب التهذيب رقم الترجمة 1759.