كتاب المساجد الأثرية في المدينة النبوية

منه - وعبد الرحمن بن سهل (1) فذهب ليتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمحيّصة: كبَر كبِّر. يريد السن، فتكلم حويّصة ثم تكلم محيّصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن يدو صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم. فكتب: ما قتلناه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويّصة ومحيّصة وعبدالرحمن: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: أفتحلف لكم يهود؟ قالوا: ليسوا بمسلمين، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة حتى أدخلت الدار. قال سهل: فركضتني (2) منها ناقة (3).
وقد روى الإمام مسلم هذه القصة عن رافع بن خديج وفيها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحوّيصة ومحيصة وعبدالرحمن بن سهل: أتحلفون خمسين يميناً فتستحقون صاحبكم (أو قاتلكم)؟ فقالوا: كيف تحلف ولم نشهد؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين يميناً، قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفّار؟ فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى عقله)) (4).
وقد أشار الطبري (5) إلى هذه القصة قائلاً: لما فتح الله خيبر جاء أٌل فدك يصالحون مع النبي صلى الله عليه وسلم على النصف من فدك (6)، وتم
__________
(1) هو عبد الرحمن بن عمرو بن سهل الأنصاري المدني وقد ينسب إلى جده - ثقة معروف - قتل بالحرة. تهذيب التهذيب (6/ 235).
(2) الركض تحريك الرجل، ومنه قوله نعالى: {أركض برجلك} وركضة البعير إذا ضربه برجله. مختار الصحاح. ر ك ض.
(3) صحيح البخاري. كتاب الأحكام باب كتاب الحاكم إلى أعماله (93: 7192).
(4) صحيح مسلم: كتاب القسامة. باب القسامة (28: 1669).
(5) هو أبو جعفر محمد بن حرير الطبري المفسر المحدث المؤرخ الفقيه النحوي الزاهد ولد بآمل طبرستان سنة 224 هـ وتوفي سنة 310 هـ.
(6) فَدَك محركة قرية بخبير، القاموس المحيط، ف د ك.

الصفحة 203