كتاب المساجد الأثرية في المدينة النبوية

وروي الإِمام مالك (1) عن عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك (2) أنه قال: ((جاءنا عبدالله بن عمر في بنى معاوية - وهي قرية من قرى الأنصار - فقال: هل تدرون أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم. وأشرت له إِلى ناحية منه. فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن فيه؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني بهن. فقلت: دعا بأن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم (3)، ولا يهلكهم بالسنين (4) فأعطيهما. ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم (5). فمنع. قال: صدقت. قال ابن عمر: فلن يزال الهرج (6) إِلى يوم القيامة)) (7).
وعن سعد بن أبي وقاص (8) ((أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر بمسجد
__________
(1) هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني أبو عبدالله. الحافظ الإمام فقيه الأمة إمام دار الهجرة، أمير المؤمنين في الحديث، ولد بالمدينة المنورة سنة 93 هـ وتوفي سنة 179 هـ. تذكرة الحفاظ للذهبي (1/ 212) تهذيب التهذيب (10/ 905).
(2) هو عبد الله بن عبدالله بن جابر بن عتيك والأنصاري المدني ذكره أبن حبان في الثقات وتهذيب التهذيب (5/ 282 - 284).
(3) أي من غير المؤمنين يستأصل جميعهم. شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 42).
(4) جمع سنة وهو الجدب والجوع. المرجع السابق.
(5) أي الحرب والفتنة والاختلاف. المرجع السابق.
(6) الهرج الفتنة والاختلاط وبأيه ضرب، وفسره النبي صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة بالقتل. مختار الصحاح هـ ر ج.
(7) موطأ مالك - كتاب القرآن - باب ما جاء في الدعاء (15: 35) صحيح مسلم كتاب الفتن، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (52: 2890).
(8) هو مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري الصحابي الجليل، أحد أصحاب الصفَّة وأحد العشرة وأحد السابقين الأول وأحد الستة أصحاب الشورى وأول من رمى بسهم في سبيل الله، فاتح القادسية، مجاب الدعوة، فارس الإسلام، ولي الكوفة في زمن عمر وعثمان، توفي بالمدينة ما بين سنة وخمسين وستين للهجرة وقد جمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه قائلاً: ارم فداك أبي وأمي.
انظر: صحيح البخاري مناقب سعد بن أبي وقاص. الطبقات الكبرى (3/ 129) سير أعلام النبلاء (1/ 92).

الصفحة 35