كتاب المساجد الأثرية في المدينة النبوية

وفي منتصف القرن الرابع عشر الهجري اكتشفه إِبراهيم العياشي فأعيد بناؤه في العقد التاسع من هذا القرن. ويروى لنا العياشي قصة اكتشافه وبنائه قائلاً: كنت في زمن شبابي أجوب المنطقة فوجدت في التجويفة العظيمة من غربي سلع أثر منزلة كبيرة وأثر مسجد كبير، وبقيت في نفسي نحواً من خمسة وثلاثين عاماً، ورجوت الله أن يوفق أهل الخير لتعميره فوفق الله السيد عبد الوهاب بن المرحوم الشيخ إِبراهيم فقيه فذهبت معه ورأيته المسجد فقام بتعميره خير قيام فجزاه الله خيراً.
ثم سلمه بعد إِكماله تماماً إِلى مديرية الأوقاف. (1) وذلك بعد أن تأكد لديه بواسطة لجنة من المختصين أنه مسجد أثري حيث إِن رئيس بلدية المدينة المنورة كون لجنة من الأشخاص المختارين للوقوف على موقع مسجد بنى حرام الأثرى التاريخي خلف جبل سلع وتقديم القرار اللازم الذي يؤدي صحة الموقع، فقامت اللجنة في 16/ 11/1388هـ بهذه المهمة ووقفت على المكان ورأت المسجد موضع البحث، فاتضح أنه هو المسجد الحقيقي لقرية بني حرام ولا زالت آثار أساسته القديمة المثبتة بالحجر والنورة (2) ظاهرة وواضحة، وانطبقت جميع أوصافه المنصوص عليها في كتب التاريخ، ومنها كتاب وفاء الوفاء ... (3)
وتحدث عنه الخياري (المتوفى 1380هـ) وقال: إِن المسجد المذكور قد اندرست أعلامه ولم يبق إِلا الشيء القليل جداً، وهو في شعب بني حرام غربي جبل سلع على يمين المتوجه إِلى مساجد الفتح عن طريق السيح وأرض محبت والمنشية. (4)
__________
(1) المدينة بين الماضي والحاضر ص 51 - 52.
(2) النورة: حجر الكلس وقال ابن منظور: النورة من الحجر الذي يحرق ويسوى منه الكلس المعجم الوسيط (2/ 962) لسان العرب
(14/ 324).
(3) المدينة بين الماضي والحاضر ص 53.
(4) تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً ص 143.

الصفحة 48