كتاب الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية (اسم الجزء: 1)

سبحانه وبثها في الإنسان تعرف بآثارها، ولا تدرك ولا يحاط بها: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} (1).
أبعد ذلك كله يعجب الإنسان أن يرسل الله لهداية الإنسان؟!
{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (2).
{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (3).
أفبعد هذا التركيب المدهش للإنسان يعجب الإنسان أن يكلفه الله، ويحمله مسؤولية، ويجعل له حياة أخرى، وقد خلقه هذا الخلق، وخلق له هذا الخلق:
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (4).
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} (5).
إن من تأمل لم يعجب، فإذا جاء الواقع يصدق التأمل لم يبق إلا التسليم، فهذه قوافل الرسل تترى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} (6).
ولقد كذب من لا عقل له ولا إنصاف ولا تدبر، فإن أهل العقول آمنوا، وحملوا رسالات الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} (7).
وعلى فترة من الرسل وبعد مرحلة من التيه والضياع، وبعد تصميم على الضلال عند كل فرقة من فرق الضالين بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم: - {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ
__________
(1) الحجر: 29.
(2) النجم: 59 - 61.
(3) يونس: 2.
(4) القيامة: 36.
(5) المؤمنون: 115، 116.
(6) المؤمنون: 44.
(7) الأنعام: 89.

الصفحة 14