كتاب الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية (اسم الجزء: 1)

- وقبل بعض الناس هذا الدين فكان من المسلمين، وبتصديقه بهذا الدين وقبوله له أصبح من المؤمنين، الذين دخلوا في دائرة الخطاب بوصف الإيمان؛ ومن ثم جاءت النصوص لتوضح ماذا يدخل في دائرة الإيمان، وماذا يطالب به أهل الإيمان من عقائد، وأعمال، وتكاليف، ومقامات، فكان هذا النوع من النصوص مكملاً للنصوص التي وصفت الإسلام، وجاءت نصوص تصف الإيمان مطابقة للنصوص التي وصفت الإسلام؛ لأن الإيمان والإسلام يتطابقان أحياناً، ويدل كل منهما على مفهوم يكمل الآخر أحياناً.
- فالإسلام بمعناه الكامل: هو إسلام القلب، والجوارح، لله تعالى بهذا الدين، بنصوصه، وبعقائده، وتكالفيه، والإيمان بمعناه الكامل: هو تصديق القلب بنصوص هذا الدين، وتصديق السلوك لهذا التصديق، فالإسلام والإيمان من هذه الحيثية متطابقان.
- وأحياناً يراد بالإسلام: عمل الجوارح بالطاعة، وبالإيمان: التصديق القلبي، وانشراح الصدر بنور الإيمان؛ حتى يرى القلب الأشياء بنور هذا الدين، فههنا الإسلام والإيمان يتكاملان، فالإسلام بهذا المعنى أثر الإيمان العقلي، ويوصل إلى الإيمان القلبي: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (1).
- إنه بمجرد أن يقبل الإنسان الإسلام ويدخل في عداد المؤمنين به فإنه يطالب بأمر ونهي، أو بفعل وترك، ومجموع ما يطالب به مباشرة كفرائض ونوافل حوالي سبعين شيئاً هي ما يسمى بشعب الإيمان، وكثير من الشعب تعني المطالبة بها: الكف عما يناقضها، فالمطالبة بالتوحيد تعني الكف عن الشرك، وليس كل ما نهي عنه يقابل شيئاً مأموراً به، وهكذا تتوسع دائرة المنهيات حتى تشمل أموراً كثيرة، منها ما يسمى كبيراً من الذنوب، ومنها ما يسمى صغيراً من الذنوب.
- ودوائر التكليف الرباني أوسع من هذا الذي ذكرناه، فقد يقوم الإنسان بكل شعب الإيمان وينتهي عن الكبائر والصغائر، ومع ذلك يكون مقصراً في التكليف، لأن دوائر التكليف أوسع من مجرد هذا وهذا.
__________
(1) الحجرات: 14.

الصفحة 17