كتاب الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية (اسم الجزء: 2)
يا أمتاه، هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قفَّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاثٍ من حدثكهن فقد كذب؛ من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (1)، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} (2)، ومن حدثك أنه يعلم ما في غدٍ، فقد كذب، ثم قرأت: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} (3). ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم قرأت: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...} (4) الآية، ولكنه رأي جبريل عليه السلام في صورته مرتين.
وفي رواية (5) قال: قلت لعائشة: فأين قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (6)؟ قالت: ذاك جبريلُ عليه السلام، كان يأتيه في صورة الرجل، وإنه أتاه هذه المرة في صورته، التي هي صورته، فسدَّ الأفق.
وفي أخرى (7): ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب، وهو يقول: لا يعلم الغيب إلا الله.
وفي أخرى (8): أن مسروقاً قال: كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدةٍ منهن فقد أعظم على الله الفِريَةَ ... وذكرت نحو الرواية الأولى.
وزاد في رواية (9): ولوكان محمدٌ صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً مما أُنزل عليه لكتم هذه الآية: {وَإِذْ
__________
= مسلم (1/ 160) 1 - كتاب الإيمان، 77 - باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء؟
(1) الأنعام: 103.
(2) الشورى: 51.
(3) لقمان: 34.
(4) المائدة: 67.
(5) مسلم: الموضع السابق.
(6) النجم: 8 - 9.
(7) البخاري (13/ 361) 97 - كتاب التوحيد، 4 - باب قول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا}.
(8) مسلم (1/ 159) 1 - كتاب الإيمان، 77 - باب معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}.
(قفَّ شعري) قفَّ الشعر: إذا قام في منابته، وأكثر ما يعرض عند سماع ما يخافه الإنسان أو يهابه ويعاينه.
(الفرية): اختلاق الكذب.
(9) مسلم (1/ 160) الكتاب والباب السابقان.