كتاب الإمام أبو الحسن الدارقطني وآثاره العلمية

المقدِّمة
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه، والشكر له على نعمه وأفضاله، والصلاة والسلام على رسوله وحبيبه محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فقد أكرمني الله تعالى بالعيش زمناً مع الإمام الحافظ أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدَّارَقُطْنِيّ -أمير المؤمنين في الحديث، المتوفى سنة 385هـ- بالبحث والاطلاع على سيرته، وأخباره، وعلمه ومعارفه.
وقد اخترت البحث في ترجمة الدَّارَقُطْنِيّ، وفي كتابه "السنن" من غير سابق اطلاع تفصيلي على ملامح حياته ومنهج كتابه.
فلم أكن أعلم ما معتقده؟ وما مذهبه الفقهي؟ وكيف كانت سيرته تفصيلاً، وإنما كنت أعلم أنه إمام من أئمة الحديث، كبير الشأن في الحفظ والدراية، وأنه يضرب به المثل فيقال: "فلان دارقطنّي عصره"، وبعد البحث وجدتُ ما يلي:
1- أنه -رحمه الله كما قيل عنه- كبير القدر في حفظه للحديث، ومعرفته ودرايته به، وتمسكه به، وأنه وَقَفَ حياته لخدمة الحديث النبوي.
2- وتكشف لي -بعد البحث أيضاً- أنه اتُّهم وتُكلِّم فيه: في عقيدته، وفي منهجه بالنسبة للكلام على الأحاديث والرواة، وذلك شأن كل من يسير على المنهج الحق، فإنه لا يسلم من كلام الناس، لأنه لم يسلم من الكلام أحد كما قال الإمام الذهبي -رحمه الله-: "فمن يسلم من الكلام بعد أحمد؟ ""1".
__________
"1" "من تكلّم فيه وهو موثق أو صالح الحديث"، للحافظ الذهبي: ص33.

الصفحة 9