كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 118 """"""
سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ ، أَمِنْتُمْ مَوْتَهُ ، ثُمَّ عَرِّفُونِي لأَحْتَالَ في عِلاجِهِ ، وإِصْلاحِ ما فَسَدَ مِنْ مِرَاجِهِ ، فَقَالوا : لا تُؤَخِّرْ ذَلِكَ عَنْ غَدٍ ، قَالَ : لا ، فَلَمَّا ابْتَسَمَ ثَغْرُ الصُّبْحِ وانْتَشَر جَناحُ الضَّوِّ ، في أُفُقِ الجَوِّ ، جاءَهُ الرِّجَالُ أَفْوَاجاً ، والنِّساءُ أَزْوَاجاً ، وَقَالوا : نُحِبُّ أَنْ تَشْفِيَ العَلِيلَ ، وَتَدَعَ القَالَ والقِيلَ ، فَقَالَ الإِسْكَنْدَرِيُّ : قُومُوا بِنا إِلَيْهِ ، ثُمَّ حَدَرَ التَّمَائِمَ عَنْ يَدِهِ ، وَحَلَّ العَمائِمَ عنْ جَسَدِهِ ، وَقَالَ : أَنِيمُوهُ على وَجْهِهِ ، فَأُنِيمَ ، ثُمَّ قَالَ : أَقِيمُوهُ على رِجْلَيْهِ ، فَأُقِيمُ ، ثُمَّ قَالَ : خَلُّوا عَنْ يَدَيْهِ ، فَسَقَطَ رأَسْاً ، وَطَنَّ الإِسْكَنْدَرِيُّ بِفِيهِ وَقَالَ : هُوَ مَيِّتٌ كَيْفَ أُحْيِيهِ ? فَأَخَذَهُ الخُفُّ ، وَمَلَكَتُهُ الأَكُفُّ ، وَصَارَ إِذَا رُفِعَتْ عَنْهُ يَدٌ وَقَعَتْ عَلَيْهِ أُخْرَى ، ثُمَّ تَشَاغَلوا بِتَجْهيزِ المَيِّتِ ، فانْسَللْنَا هَارِبينَ حَتَّى أَتَيْنَا قَرْيةً على شَفِيرِ وَادٍ السَّيْلُ يُطَرِّفُها وَالمَاءُ يَتَحَيَّفُها .

الصفحة 118