كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 120 """"""
بَاطِلاً ، وَاصْبِرُوا عَلى الرَّكْعَتَينِ فَمَسَافَتُهُمَا طَوِيلَةٌ ، وَقَامَ لِلْرَكْعَةِ الأُولَى فَانْتَصَبَ انْتِصَابَ الجِذْعِ ، حَتَّى شَكَوا وَجَعَ الضِّلْعِ ، وَسَجَدَ ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ هَجَدَ ولمْ يَشْجُعُوا لِرَفْعِ الرُّؤُوسِ ، حَتَّى كَبَّرَ لِلْجُلُوسِ ، ثُمَّ عَادَ إِلى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ، وَأَوْمَأَ إِلَيَّ ، فَأَخَذْنَا الوَادِيَ وَتَرَكْنَا القَوْمَ سَاجِدينَ ، لاَ نَعْلَمُ مَا صَنَعَ الدَّهْرُ بِهِمْ ، فَأَنْشَأَ أَبُو الفَتْحِ يقُولُ : رَى هَذا المَاءِ بَقَرَةً صَفْرَاءَ ، وأَتُونِي بِجَارِيةٍ عَذْراءَ ، وَصَلُّوا خَلْفِي رَكْعَتَيْنِ يَثْنِ اللهُ عَنْكُمْ عِنان هذا المَاءِ ، إِلى هَذِهِ الصَّحْراءِ ، فَإِنْ لَمْ يَنْثَنِ المَاءُ فَدَمِي عَلَيْكُمْ حَلالٌ ، قَالوا : نَفْعَلُ ذَلِكَ ، فَذَبَحُوا البَقَرَةَ ، وَزَوَّجُوهُ الجَارِيَةَ ، وَقَامَ إِلى الرَّكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِما ، وَقَالَ : يَا قَوْمُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ لاَ يَقَعْ مِنْكُمْ فِي القِيامِ كَبْوٌ ، أَوْ فِي الرُّكُوعِ هَفْوٌ ، أَوْ في السُّجُودِ سَهْوٌ ، أَوْ فِي القُعُودِ لَغْوٌ ، فَمَتَى سَهَوْنَا خَرَجَ أَمَلُنَا عَاطِلاً ، وَذَهَبَ عَمَلُنا بَاطِلاً ، وَاصْبِرُوا عَلى الرَّكْعَتَينِ فَمَسَافَتُهُمَا طَوِيلَةٌ ، وَقَامَ لِلْرَكْعَةِ الأُولَى فَانْتَصَبَ انْتِصَابَ الجِذْعِ ، حَتَّى شَكَوا وَجَعَ الضِّلْعِ ، وَسَجَدَ ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ هَجَدَ ولمْ يَشْجُعُوا لِرَفْعِ الرُّؤُوسِ ، حَتَّى كَبَّرَ لِلْجُلُوسِ ، ثُمَّ عَادَ إِلى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ، وَأَوْمَأَ إِلَيَّ ، فَأَخَذْنَا الوَادِيَ وَتَرَكْنَا القَوْمَ سَاجِدينَ ، لاَ نَعْلَمُ مَا صَنَعَ الدَّهْرُ بِهِمْ ، فَأَنْشَأَ أَبُو الفَتْحِ يقُولُ :
لاَ يُبْعِدُ اللهُ مِثْلي وَأَيْنَ مثْلِي أَيْنَا ?
للهِ غَفْلَةُ قَوْمٍ غَنِمْتُهَا بِالْهُوَيْنَا

الصفحة 120