كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 125 """"""
ذَلِكَ الخَدِّ الصَّقِيلِ ، لَرَأَيْتَ مَنْظَراً تَحارُ فِيهِ العيُوُنُ : وَأَنَا أَعْشَقُهَا لأَنَّهَا تَعْشَقُنِي ، وَمِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ أَنْ يُرْزَقَ المُسَاعَدَةَ مِنْ حَلِيلَتِهِ ، وَأَنْ يَسْعَدَ بِظَعِينَتِهِ ، وَلاَ سِيَمَّا إِذَا كانَتْ مِنْ طِينَتِهِ ، وَهْيَ ابْنَةُ عَمِّي لَّحَا ، طِينَتُها طِيِنَتِي ، وَمَدِينَتُهَا مَدِينَتي ، وَعُمُومَتُهَا عُمُومَتِي ، وَأَرُومَتَها أَرُومَتي ، لَكِنَّها أَوْسَعُ مِنِّي خُلْقاً ، وَأَحْسَنُ خَلْقاً وَصَدَّعَنِي بِصِفَاتِ زَوْجَتِهِ ، حَتَّى انْتَهَينَا إِلَى مَحَلَّتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَوْلاي تَرَى هَذِهِ المَحَلَّةَ ? هِيَ أَشْرَفُ مَحَالِّ بَغْدَادَ ، يَتَنَافَسُ الأَخْيَارُ في نُزُولِها ، وَيَتَغايَرُ الكِبَارُ فِي حُلُولِهَا ، ثُمَّ لاَ يَسْكُنُهَا غَيْرُ التُّجَّارِ ، وَإِنَّمَا المَرْءُ بِالْجَارِ وَدَارِى فِي السِّطَةِ مِنْ قِلادَتِهَا ، وَالنُّقْطَةِ من دَائِرتَهَا ، كَمْ تُقَدِّرُ يَا مَوْلايَ أُنْفِقَ عَلى كُلِّ دَارٍ مِنْهَا ? قُلْهُ تَخْمِيناً إِنْ لَمْ تَعْرِفُهُ يَقِيناً ،

الصفحة 125