كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 127 """"""
بِحَياتِي لا اسْتَعَنْتَ إِلا بِهِ عَلى مِثْلِهِ ، وَهَذِهِ الحَلَقَةُ تَرَاهَا اشْتَرَيْتُهَا فِي سُوقِ الطَّرَائِفِ مِنْ عِمْرَانَ الطَّرَائِفِيِّ بِثَلاثَةِ دَنَانِيرَ مُعِزِّيَّة ، وَكَمْ فِيهَا يَا سَيِّدِي مِنَ الشَّبَهِ ? فِيهَا سِتَّةُ أَرْطَالٍ ، وَهْيَ تَدُورُ بِلَوْلَبٍ فِي البَابِ ، بِاللهِ دَوِّرْهَا ، ثُمَّ انْقُرْهَا وَأْبْصُرْهَا ، وَبِحَياتِي عَلَيْكَ لا اشْتَرَيْتَ الحَلَقَ إِلاَّ مِنْهُ ؛ فَلَيْسَ يَبِيعُ إِلاَّ الأَعْلاَقَ ، ثُمَّ قَرَعَ البَابَ وَدَخَلْنَا الدِّهْلِيزَ ، وَقَالَ : عَمَّرَكِ اللهُ يَا دَارُ وَلاَ خَرَّبَكَ يَا جِدَارُ ، فَمَا أَمْتَنَ حِيطَانَكِ ، وَأَوْثَقَ بُنْيَانَكِ ، وَأَقْوى أَسَاسَكِ ، تَأَمَّلْ بِاللهِ مَعَارِجَهَا ، وَتَبَيَّنْ دَواخِلَهَا وَخَوارِجَهَا ، وَسَلْني : كَيْفَ حَصَّلْتَهَا ? وَكَمْ مِنْ حِيلَةٍ احْتَلْتَهَا ، حَتَّى عَقَدْتَهَا ? كانَ لِي جَارٌ يُكْنى أَبَا سُلَيْمَانَ يَسْكُنُ هَذِهِ المَحَلَّةَ ، وَلَهُ مِنَ المَالِ مَا لا يَسَعُهُ الخْزْنُ ، وَمِنَ الصَّامِتِ مَا لاَ يَحْصُرُهُ الوَزْنُ ، مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ وَخَلَّفَ خَلْفاً أَتْلَفَهُ بَيْنَ الخَمْرِ وَالزَّمْرِ ، وَمَزَّقَهُ بَيْنَ النَّرْدِ وَالقَمْرِ ، وَأَشْفَقْتُ أَنْ يَسُوَقُه قَائِدُ

الصفحة 127